إن أمة الإسلام تملك على صعيد المحاسبة الشخصية وتنظيم الذات تراثاً ثرياً للغاية, ويزيد في عظمة ذلك التراث أن ما يتحدث عنه من جهود جبارة على هذا الصعيد لم يكن من أجل تحسين موقع المنافسة على شهرة أو مال أو نفوذ, وإنما من أجل الفوز برضوان الله تعالى,
والشعور بمشاعر العبودية لجنابه الأقدس, وهذا شيء أساسي بالنسبة إلى كل مسلم, حيث أن جوهر (الانصباط الذاتي) يكمن في تحرير إرادة الإنسان من استبعاد الهوى والرغبة والعادة, وذلك التحرير سيكون منقوص القيمة إلى حدٍ بعيد إذا لم يكن من أجل وضع إرادتنا في سياق مرادات الخالق الكريم ومحبوباته, وهذه نقطة فارقة بين الانضباط الذاتي لدى المسلم والصالح وبين غيره, فنبل جهودنا منوط في معظم الأمر بنبل مقاصدنا وغاياتنا.