كتاب البحث عن عيني الزرقاء

تأليف : أبو بلال عبدالله الحامد

النوعية : الفكر والثقافة العامة

كتاب البحث عن عيني الزرقاء بقلم أبو بلال عبدالله الحامد.. كثير من الناس يعتمد في استشراف المستقبل، على الاماني والتفاؤل، ولا ريب أن الاماني والتفاؤل شواحن جيدة، اذا كانت تقود الى افكار عملية، ينبثق منها الحراك والسعي. اما اذا كان الرجاء والتأمل؛ مواقف نفسية وجدانية، لم تنبع من تقييم وتقدير، اصبح دورها سلبيا انتظاريا، فانتظار المطر والبشرى، قد يكون انتظارا بلا جدوى، كـ "انتظار جودو"، في مسرحية صمويل بيكيت.


وذلك خلل في طريقة التفكير، يساعد الانسان على احتمال المأساة التي لا حول له ولا قوة في دفعها، وهو يناسب السجين والمريض الذي عجز الطب عن علاجه، هذان - لا نحن - ينبغي أن يعيشا على امل الفرج، بين عشية وضحاها، لعله يهبط عليهما من السماء، فلو لم يأملا الخروج من البلاء كل صباح، لماتا من اليأس والاكتئاب، ولمثلهما قال الشاعر:
منى ان تكن حقا تكن أحسن المنى / وان لا فقد عشنا بها زمناً رغدا
أما المنى في الحياة الاجتماعية، التي لا تحدو الناس الى القيام بأدوراهم الطبيعية، فهي خدائع قد تفضي الى فواجع، ولو عاش فيها الناس زمنا رغدا ، فانهم معرضون لأن يعيشوا مستقبلا قاتما بئيساً.
والتشاؤم العاطفي موقف نفسي آخر، يحول الناس الى دمى تتدحرج في دوامة الايام، لا ارادة لها ولا حراك، فهم دائما في خوف مستمر، يتوقعون السوء، ولكنهم لا يبدون حيوية ولا مبادرة، تدفع السوء أو تقلل من خطره، وذلك شر آخر يقع فيه كثير من الناس.
ولا قيمة لتفاؤل ولا تشاؤم، اذا لم يكونا موقفين ناتجين عن تحليل ثاقب للأحداث، يعتمد المعلومات، ويحسن قراءة المؤشرات، ويستعد للمتغيرات، كما يستعد الفلاحون لمواسم الزرع والغرس، وكما يستعد البدو، لمواسم الغيث والقحط، وكما يستعد القاطنون في الوادي، لقدوم السيل الجارف، وهبوب العواصف

شارك الكتاب مع اصدقائك