كتاب البرمجة اللغوية العصبية من تأليف أمقران معمر أنيس .. إِنَّا فِي عَهْدِ الاِنْحِلَالِ الثَّقَافِيِّ، وَاللَّبْكِ المَعْرِفِيّ، فِي زَمَنٍ ذَابَتْ فِيهِ الهُوِيَّةُ، وَطُعِنَتْ فِيهِ الثَّوَابِتُ، وَمَاجَتِ الأَفْكَارُ وَالأُطْرُوحَات سَوَاءَ أَنَافِعَةً كَانَتْ أَمْ ضَارَّةً، مِنْ كَلِّ حدبٍ وَصَوْبٍ، مَا جَعَلَ كَمًّا مِنَ المَفَاهِيمِ غَيْر هَيِّنٍ يَخْتَرِقُ الرَّأْيَ العَامّ، وَمَنَاهِجَ التَّعْلِيمِ فِي كُلِّ الأَطْوَارِ اِبْتِدَائِيَّةً وَعُلْيَا، مَا يُوجِبُ عَلَى طَالِبِ الحَقِّ أَنْ يَتَحَرَّى الصَّوَابَ وَيَتَحَقَّقَ مِنْ أُصُولِ مَا يَنْهَلُ مِنْ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍلِأنْ لَا يَضِيعَ فِي دَهَالِيزِ الزَّيْفِوَالزَّيْغِ. وَمِمَّا اِسْتُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَنِ مِنْ عُلُومٍ، وَاِسْتَقْطَبَ عَدَدًا غَفِيرًا مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ وَخَاصَّتِهِمْ، مَا اِصْطُلِحَ عَلَيْهِ بِاِسْمِ: "البَرْمَجة اللُّغَوِيَّة العَصَبِيَّة"، حَيْثُ يَرْتَادُ دَوْرَاتِهَا الأُلُوف،وَأَغْرَقَتْ كُتُبُهَا المَكْتَبَات، وَأُعِدَّتْ فِي شَأْنِهَا الأُطْرُوحَاتُ وَالرَّسَائل الجَامِعِيَّة، وَأَخَذَتْ نَصِيبًا وَافِرًا مِنَ الدِّعَايَةِ الإِعْلَامِيَّةِ، لِمَا تَعِدُهُ مِنْ وُعُودٍ جَذَّابَةٍ وَبَرَّاقَة، وَهَا هِيَ ذِي تُدَرَّسُ فِي بَعْضِ الجَامِعَاتِ العَرَبِيَّةِ، فِي مَعَاهِدِ الدِّرَاسَاتِ اللِّسَانِيَّة. أَمَّا هَذَا البَحْثُ فَيَهْدِفُ إِلَى تَحْدِيدِ البُنُودِ العَرِيضَةِ لِهَذا الطَّرْح، بَعِيدًا عَنِ الزَّخَمِ الإِعْلَامِيِّ، وَالغُلُوِّ الإِشْهَارِيّ الذِي تَضِجُّ بِهِ كُتُبُ التَّنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ -كَمَا يُسَمُّونَـهَا- فِي شَأْنِ تِلْكَ البَرْمَجَةِ، كَذَا يَهْدِفُ إِلَى رَسْمِ صُورَةٍ وَاضِحَةٍ لِمَا يَدَّعِيهِ رُوَّادُهَا وَمَا يَرُدُّ عَلَيْهِم مُخَالِفُوهُمْ، مَعَ مُحَاكَمَةِ أَسَاسِيَّاتِ البَرْمَجَةِ وَأُصُولهَا العَامَّة للمَنْهَجِ العِلْمِيِّ، وَالشَّرْعِ الإِسْلَامِيّ، فَدِينُنَا الحَنِيفُ حَثَّنَا عَلَى اِتِّبَاعِ الحَقِّ أَنَّى ثَقِفْنَاهُ، وَاِسْتِغْلَالِ العُلُومِ النَّافِعَةِ أَنَّى كَانَتْ،شَرِيطَةَ أَنْ تَكُونَ حَقًّا نَافِعَة، أَمَّا مَا كَانَ مُخَالِفًا لِصَحِيحِ العِلْمِ، وَمُنَافِيًا لِنُصُوصِ الوَحْيِ عَمَلًا وَاِعْتِقَادًا، فَهُوَ رَدّ. فَمَا مَوْقِعُ " البرْمَجَةِ اللُّغَوِيَّةِ العَصَبِيَّةِ" مِمَّا ذَكَرْنَا، أَهِيَ عِلْمٌ نَافِعٌ لِعُمُومِ النَّاسِ عَامَّة وللمُسْلِمِينَ خَاصَّة، أَتَنْظِيرَاتُهَا وَتَطِبِيقَاتُهَا قَابِلَةٌ للفَحْصِ العِلْمِيِّ وَالإِثْبَاتِ المَنْهَجِيِّ، وَالأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ، أَتَتَوَافَقُ وَأُصُولَ الاِعْتِقَادِ عِنْدَ المسْلِمِين؟، هَذَا مَا يَصْبُو هَذَا البَحْثُ الموجَزُ إِلَى بَيَانِهِ