كتاب التأله والوحدة

تأليف : ليديا عادل

النوعية : الفكر والثقافة العامة

كتاب التأله والوحدة بقلم ليديا عادل رسالة ماجستيرعن مفهوم عقيدة التألُه ووحدة الكنيسة في كتابات الآباء وكما سبق وشرحه الأب متى المسكين من خلال تعاليمه اللاهوتية المكتوبة وال ُمعاشة.مترجم للعربية من الرسالة الأصلية المكتوبة بالإيطالية بعنوانLa divinizzazione e L’unità:La teologia esistenziale di Matta el

 Meskin nella scia dei Padri della Chiesaلقد بدأت فكرة رسالة الماجستير بسؤال طرحته الكاتبة على نفسها بخصوص أنَّ العالم الكنسي اليوم يرجو ويسعى نحو وحدة الكنائس وبالحق نستطيع أن نرى بعض المحاولات والمجهودات التي تُبذل نحو الوحدة، ولكن:لماذا لم نصل عمليًا حتى يومنا هذا إلى تحقيق الوحدة؟ ما هي أهم العوائق؟ كيف نحقق عمليًا وحدة الكنيسة باعتبارها جسد المسيح الواحد؟ من أين تنبع هذه الرغبة لدى كل عضو أمين في الكنيسة؟ ما هو دافع الوحدة؟ ...وقد رأت أنَّ الانطلاق نحو الوحدة الحقيقية لابد أنْ ينبُع مِنْ فهم المؤمنين لعقيدة الثالوث التي مِن شأنها تعريف شخص الله نفسه، ذلك كيفما تؤمن به الكنيسة وتعلنه في صيغة إيمانية بحسب ترتيب استعلان الله لنا - أي لكنيسته - في خطة التدبير الإلهي أو خطة تدبير الخلاص οίκονομία. تلك الصِيغ والمفاهيم الإيمانية تستند على استعلان الله: في الكتاب المقدس بعهديه في نور ما أضاءه لنا الكلمة المتجسد، وفي التقليد وهو الإيمان المُسَلَّم لنا مِنَ الرسل ومِن آباء الكنيسة. مِنْ ذلك نعي ونؤمن أنَّ الله في المسيحية هو واحد وثالوث، أي إله واحد مثلث الأقانيم، كل أقنوم يتمايز عن الأقنومين الآخرين ولكنه متحد معهما، والثلاث أقانيم في تمايزهم متحدين بحسب الطبيعة ويكونون في علاقة محبة متبادلة περιχώρησις، علاقة دائمة لا تتوقف ولا تنتهي قائمة دومًا بين الآب والابن والروح القدس. وبالطبع عندما نتحدث عن محبة الله فنحن نقصد محبة الأجابي ἀγάπη أي المحبة التي تخلق بدافع المحبة وأيضًا تفدي وتخلص بنفس الدافع. هي المحبة التي خلقت الإنسان في حرية المحبة أي في حرية تامة لقبول أو رفض الإنسان لدعوة الله في الدخول معه في تلك العلاقة التي تنبُع مِن طبيعة الله نفسه، أي أنها علاقة "المحبة الثالوثية"، المحبة الباذلة والمعطاءة، المحبة التي لا تهدف إلى ابتلاع الآخر أو محوة بل تهدف إلى الشَرِكة κοινωνία في المحبة. فيا لمحبة وغنى الله! إذ أنه وهو الخالق والعظيم والقدوس يقبل ويشتاق لأن يدخل في علاقة محبة مع الإنسان المخلوق. تلك العلاقة إنما هي شرف ونِعمة نالها الإنسان ليس عن استحقاق! بل مِن أجل طبيعة الله ذاته الذي خلق بدافع المحبة إذ أن كينونته "محبة متحدة رغم التمايز" ومحبة الله لا تستطيع أن تكون غير ذلك: "الله محبة" (1يو 4، 8). فما ناله الإنسان إنما ناله بالنعمة كهبة وعطية مجانية من الخالِق الذي قَبِل أن "يتحد" بالمخلوق في علاقة بنوة في الابن يسوع السيح الكلمة المتجسد، ففي ابن الله بالطبيعة صرنا نحن أيضا أبناء الله وشركاء طبيعته أي "شركاء الطبيعة الإلهية" (1بط 1، 16) بنعمة وموهبة وعطية الروح القدس، روح الله الذي منذ بدء الخليقة يشتاق أن يجمع كل الخليقة في الله ولله. فإن هذا ما أستُعلن لنا في ملء الأزمنة وتم بالتجسد في أقنوم الابن الكلمة المتجسد يسوع المسيح: "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما عل الأرض في ذاك الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا، معينين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته" (أف1، 10-11). في هذا الكتاب، سيجد القارئ طرح يحمل ربط لمفهوم وحدة الكنيسة أي اتحاد أعضاء الجسد الواحد، بعقيدة التألُه أي عقيدة الاتحاد بالله. فالاتحاد بالله هو سبيل الإنسان الوحيد نحو الوحدة وبدون الاتحاد بالله لا يمكن للإنسان أنْ يدخل في أي علاقة اتحاد. فالكنيسة تستمد طبيعتها من طبيعة الله نفسه. الكنيسة حية لأنَّ مسيحها دوما "حي"، والكنيسة تريد أنْ تجمع لأن مسيحها بطبيعته "يجمع"، والكنيسة ترنو إلى الوحدة رغم التمايز لأن إلهها "ثالوث في واحد".

شارك الكتاب مع اصدقائك