كتاب الجسد المجتاز : مجازات الجسد في خطاب إخوان الصفا بقلم علي أحمد الديري يقوم مفهوم الجسد المجتاز على فكرة أن الإنسان لا يمكنه أن يفكر من دون الاستعانة بخبرات جسده الحسية ، فهو يعرف العالم من خلال جسده ويبني تصوراته لما في العالم من خلاله أيضاً . وهو قادر على أن يجعل من هذه المعرفة الجسدية الحسية خطاباً ، يعبر فيه
عن ذاته ورؤيته . فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر على أن يتجاوز بجسده ، لا أن يتجاوز جسده ، أي أن يعْبُر من خلال جسده عوالم مرئية وغير مرئية ، يصوغها في شكل خطابات تحكي تجاربه الوجودية . الجسد المجتاز هو استخدام جسد الإنسان ومقتضياته مجازاً لصياغة حقائق إلهية وكونية وفلسفية وصوفية . إن الدخول على خطاب الفلسفة من خلال المجاز ، يتيح لنا فهم الخطاب لا باعتباره منظومة أفكار مطلقة لا جسد لها ، بل يتيح لنا فهم الخطاب بوصفه أرضاً ثمارها متصلة بجذورها أو كجسد عظامه متصلة بلحمه ، بمعنى أن الدخول على الخطاب من خلال مجازاته ، يفتح لغته وكلماته ومادته المكون منها وأرضه المفهومية التي هي محيطه التداولي . تفتح رسائل إخوان الصفاء مفهومها ل(الفلسفة) بما هي معرفة بالعلل الأولى والوجود بمجازات التشبه بالإله والطاقة والفيض والقبول والنور والدائرة والجسد . يكون التفكير في علل الكون ووجوده ممكناً عبر هذه المجازات ، والإمكان يعني كتابة هذه المجازات لهذه المعرفة لتشكيل خطاب فلسفي