كتاب الحركات المعمارية الحديثة بقلم شيرين إحسان شيرزاد يثير الحدث الإبداعي، أياً كان جنسه، سلسلة من التفسيرات والتأويلات العديدة، والمتباينة. وينطوي أمر تلك التفسيرات والتأويلات، على أهمية خاصة، تعادل أحياناً، في رأي، وتكافؤ قيمة الحدث الإبداعي نفسه، وذلك لأن أصالة الحدث، وغير فالدقيقة، تقاس عادة بمدى ومقدار، ما يثيره حوله من
اكتراث واهتمام دائمين. وتتسم مجموعة الحركات المعمارية المتنوعة، التي اصطلح على تسميتها "بالعمارة الحديثة "New architecturd"، والتي ظهرت واضحة، في الممارسة المعمارية العالمية، بداية القرن الحالي، تتسم على قدر كبير من المفاهيم الجديدة والمبتكرة والغير مألوفة تصميماً، الأمر أثار حيزاً من النقاش المهني، في الأوساط المعمارية العالمية، حول ماهية وخصوصية، آفاق تلك الحركة الطليعية، التي ما لبثت أن حظيت بأشكال من التعاطف والتأييد، أحياناً والعزوف والنكران والإهمال، أحياناً أخرى. وتظل المقاربات النقدية والتحليلية لإدراك مفاهيم "العمرة الحديثة"، تظل تكتسي مشروعيتها، ذلك لأن ظاهرة العمارة الحديثة، كانت تمثل، على الدوام، الأسلوب الأكثر انتشاراً وهيمنة في مجمل النشاط المعماري العالمي طيلة نصف قرن من الزمان! كما أن تلك الظاهرة، ما فتأت أن عدّت كمنطلق أساسي، وخزين مرجعي لمختلف التيارات، والاتجاهات المعمارية التي تلت تلك الحقبة. ومن هنا تنبع أهمية كتاب "الحركات المعمارية الحديثة، الأسلوب العالمي في العمارة" الذي نقلب صفحاته، والتي بذلت فيه المؤلفة جهداً مميزاً ومتواصلاً في تناول معطيات "العمارة الحديثة" والتصدي لإشكالياتها. ذلك التناول الذي بدأته في كتابها السابق "الأسلوب العالمي في العمارة بين المحافظة والتجديد وتابعته في هذا الكتاب الذي غطت فيه جوانب تلك الظاهرة الإبداعية، وتعقبتها منذ نشأتها، كحركة طليعية في العمارة، والفنون إلى تناول أحد إنجازاتها، وهو ما دعي منهج الأسلوب العالمي "International style". ذلك النهج الصمتي، الذي تناول الكثيرون قراءة مفاهيمه من وجهات نظر مختلفة، تراوحت بين الاستحسان والموافقة، والاستهجان والتقاضي. تضمن الكتاب سبعة فصول يشمل الفصل الأول موضوع نشأة الحركة الحديثة في الفن والعمارة لبيان جذورها وبداياتها وتطور أساليبها إضافة إلى حركة الحداثة في التخطيط الحضري. أما الفصل الثاني فقد خصص لبيان التوجه نحو عمارة جديدة في أمريكا وأوربا ودور المواد الجديدة والتكنولوجيا الحديثة ومشكلة الإسكان في ذلك. ثم خصص الفصل الثالث لبيان تيارات الحركة الحديثة في العمارة في فترة ما بين الحربين ويضمن ذلك التيار الوظيفي الذي يعتبر مبدأ قد يعتمد عليه في تيارات مختلفة. ونظراً لوجوب عرض بعض المنجزات لتلك التيارات وروادها فقد جاء هذا الفصل واسعاً نوعاً ما. وفي الفصل الرابع تم عرض تجارب الحركة الحديثة في ما بين الحربين في كل من هولندا وألمانيا وفرنسا وروسيا والتجربة الأمريكية مع بيان توجهات تلك التجارب نحو أسلوب شامل موحد وهو الأسلوب العالمي. أما الفصل الخامس فقد خصص لعرض مفهوم الأسلوب العالمي ونشأته ومبادئته. وفي الفصل السادس تم عرض علاقة مبدأ الوظيفة والتكنولوجيا والتقييس في الأسلوب العالمي. وقد جاء الفصل السابع وهو الأخير ليشتمل على انتشار الأسلوب العالمي في فترة ما بين الحربين في منشئه في فرنسا وهولندا وألمانيا وفي كل من بريطانيا وأسبانيا وسويسرا والبرازيل واليابان وأخيراً في أمريكا.