كتاب الرحلة الأصعب

كتاب الرحلة الأصعب

تأليف : فدوى طوقان

النوعية : مذكرات وسير ذاتية

حفظ تقييم
كتاب الرحلة الأصعب بقلم فدوى طوقان .. "سيرة ذاتية - الجزء الثاني لن تبرح مخيلتي صورة ذلك اليوم الحزيراني المشؤوم، يوم الاثنين الخامس من حزيران العام 1967. كنت في عصر اليوم السابق قد مضيت إلى القدس استجابة للنداء التلفوني من "الصديق الغريب" هناك، حيث اقترح علي المغادرة إلى عمان أو بيروت فالحرب وشيكة الوقوع وهذا شيء مؤكد. ولكني أعلنت رفضي القاطع لفكرة الهرب، فنصحني بالتزود ببعض الخبز والأطعمة المعلبة والبن والسجائر الخ... صَمْتُ منتصف الليل في الفندق موحش وثقيل. سيغادر الصديق بعد أيام قليلة عائداً إلى بلاده ما وراء المحيطات. غفواتي قصيرة متقطعة. فكرة الحرب تملؤني بالرعب. مررت بتجربة هذا الرعب في حرب 1948. استحضر الآن ذكرى ذلك العام، العام 1948، والحرب على أشدها بين العرب واليهود. وها هو بيت العائلة القديم يعج بمن لجأوا إليه من أفراد العائلة المقيمين هنا وهناك؛ ابن عمي خليل يترك بيته غرب المدينة ليلجأ إلى بيت العائلة مع زوجته وأمه وأطفاله. أخي أحمد يترك القدس ويفد علينا مع عائلته، يجيء أخي يوسف وزوجته وأطفاله من غزة. في غبش الصباح من كل يوم كانت تقوم طائرتان إسرائيليتان بضرب المدينة، أصبح النوم في الطوابق العليا غير مأمون العواقب، وهكذا نقلت أسرة النوم إلى الغرف السفلى ذات السقوف المعقرة والتي يستحيل وقوعها تحت طائلة الغارات الجوية، فهي أشبه من جهة حصانتها بالملاجئ، ناهيك عن كون أسلحة الطيران الإسرائيلي لم تكن قد تطورت بعد تطورها الذي نعرفه اليوم". فدوى طوقان تروي سيرة حياتها بأسلوبها الشاعري، مطلعة القارئ على وضع الأديب الفلسطيني بصورة خاصة وعلى وضع الفلسطينيين بصورة عامة وذلك في ظل الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 إلى عام 1967 عام الهزيمة والنكسة مضمنة سيرتها بعض القصائد والأبيات التي قالتها في مناسبات معينة
كتاب الرحلة الأصعب بقلم فدوى طوقان .. "سيرة ذاتية - الجزء الثاني لن تبرح مخيلتي صورة ذلك اليوم الحزيراني المشؤوم، يوم الاثنين الخامس من حزيران العام 1967. كنت في عصر اليوم السابق قد مضيت إلى القدس استجابة للنداء التلفوني من "الصديق الغريب" هناك، حيث اقترح علي المغادرة إلى عمان أو بيروت فالحرب وشيكة الوقوع وهذا شيء مؤكد. ولكني أعلنت رفضي القاطع لفكرة الهرب، فنصحني بالتزود ببعض الخبز والأطعمة المعلبة والبن والسجائر الخ... صَمْتُ منتصف الليل في الفندق موحش وثقيل. سيغادر الصديق بعد أيام قليلة عائداً إلى بلاده ما وراء المحيطات. غفواتي قصيرة متقطعة. فكرة الحرب تملؤني بالرعب. مررت بتجربة هذا الرعب في حرب 1948. استحضر الآن ذكرى ذلك العام، العام 1948، والحرب على أشدها بين العرب واليهود. وها هو بيت العائلة القديم يعج بمن لجأوا إليه من أفراد العائلة المقيمين هنا وهناك؛ ابن عمي خليل يترك بيته غرب المدينة ليلجأ إلى بيت العائلة مع زوجته وأمه وأطفاله. أخي أحمد يترك القدس ويفد علينا مع عائلته، يجيء أخي يوسف وزوجته وأطفاله من غزة. في غبش الصباح من كل يوم كانت تقوم طائرتان إسرائيليتان بضرب المدينة، أصبح النوم في الطوابق العليا غير مأمون العواقب، وهكذا نقلت أسرة النوم إلى الغرف السفلى ذات السقوف المعقرة والتي يستحيل وقوعها تحت طائلة الغارات الجوية، فهي أشبه من جهة حصانتها بالملاجئ، ناهيك عن كون أسلحة الطيران الإسرائيلي لم تكن قد تطورت بعد تطورها الذي نعرفه اليوم". فدوى طوقان تروي سيرة حياتها بأسلوبها الشاعري، مطلعة القارئ على وضع الأديب الفلسطيني بصورة خاصة وعلى وضع الفلسطينيين بصورة عامة وذلك في ظل الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 إلى عام 1967 عام الهزيمة والنكسة مضمنة سيرتها بعض القصائد والأبيات التي قالتها في مناسبات معينة
ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس الفلسطينية سنة 1917 م لأسرة مثقفة وغنية لها حظوة كبيرة في المجتمع الاردني وهي تحمل الجنسية الاردنية. ابنة عبد الفتاح آغا طوقان وفوزية أمين بيك عسقلان. تلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها ثم درست على يد أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية. عرفت بقصة حبها مع الناقد المصري أنور المعداوي التي وثقها الناقد رجاء النقاش في كتاب ظهر في أواسط السبعينات. وكانت قصة حب أفلاطونية عفيفة عن طريق الرسائل فقط. توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعد ذلك، حيث توفي والدها ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، تلك المآسي المتلاحقة تركت أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام وفي نفس الوقت فلقد دفع ذلك فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات. سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة وبعد نكسة 1967 خرجت شاعرتنا من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد. في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة: كفاني أموت عليها وأدفن فيها
ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس الفلسطينية سنة 1917 م لأسرة مثقفة وغنية لها حظوة كبيرة في المجتمع الاردني وهي تحمل الجنسية الاردنية. ابنة عبد الفتاح آغا طوقان وفوزية أمين بيك عسقلان. تلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها ثم درست على يد أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية. عرفت بقصة حبها مع الناقد المصري أنور المعداوي التي وثقها الناقد رجاء النقاش في كتاب ظهر في أواسط السبعينات. وكانت قصة حب أفلاطونية عفيفة عن طريق الرسائل فقط. توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعد ذلك، حيث توفي والدها ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، تلك المآسي المتلاحقة تركت أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام وفي نفس الوقت فلقد دفع ذلك فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات. سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة وبعد نكسة 1967 خرجت شاعرتنا من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد. في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة: كفاني أموت عليها وأدفن فيها