كتاب السرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن من 1970-2003م، ط2

كتاب السرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن من 1970-2003م، ط2

تأليف : سناء شعلان

النوعية : الأدب

كتاب السرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن من 1970-2003م، ط 2 بقلم سناء شعلان....."السّرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن من 1970-2003م" هو كتاب سردي متخصص للأديبة د.سناء شعلان ،صدرت طبعته الأولى في العام 2005 عن وزارة الثقافة الأردنية، في حين  صدرت طبعته الثانية في عام 2007 عن نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي في قطر. هذه الدراسة تنطلق أساساً من التفريق بين السرد الغرائبي والسرد العجائبي الذي يبنى أساساً على التردّد الذي يحسّ به القارئ حيال تصديق نصّ حدث ما، ثمّ يحسم أمره؛ فإذا قرّر القارئ أنّ قوانين الطّبيعة تظلّ سليمة، وتسمح بتفسير الظواهر الموصوفة؛ فهو دون شكّ قد دخل في السرد الغرائبي (الغريب)، أمّا إذا قرّر أنّه ينبغي قبول قوانين جديدة للطبيعة يمكن تفسير الظواهر بوساطتها فقد دخل في السرد العجائبي (العجيب). وانطلاقاً من هذا التمييز بين السردين وما يتعلّق بهذا التميّز من خصائص بُنيتْ هذه الدّراسة، وصنّفت الأعمال التي تناولتها الدراسة. وجدير بالذكر أنّ الغرائبي والعجائبي جنسان متخيّلان سائبان إذا لم يحسن تقييدهما وضبطهما، وعوامل الزمان والمكان والخلفيّة الثقافيّة والتراثيّة مهمّة في ضبطهما، بمعنى أنّ الغرائبي مثلاً يرتبط بالزمان والمكان؛ فالغريب في الأردن قد يبدو مألوفاً في الهند والعكس صحيح،كما أنّ الغريب قبل مائة عام قد يبدو مألوفاً الآن، وإن كان ملمح الاتفاق حول غرائبيّة الحدث يلقى شبه إجماع، ولكنّه لا يعدم بعض الآلفين لهذا السلوك. الحدث العجائبي يُجيّر لحساب عنصر الزمان بمعنى أنّ وجود بساط طائر أو مرقاب حدث عجائبي في نصّ ألف ليلة وليلة، ولكنّ وجود طائرة نفّاثة أمر عادي ومألوف في زماننا؛ لذا يحاكم الحدث وفق زمنه. وختاماً تؤدّي الخلفيّة الثقافيّة والتراثيّة دوراً في تحديد الغرائبي والعجائبي. لقد جاء هذا الكتاب في تمهيد وبابين؛ أمّا التمهيد، ففيه تعريف للسرد الغرائبي والسرد العجائبي تعريفاً وافياً يوضّح الحدود فيما بينهما.وقد اهتمّت الدراسة بالتأصيل لهذين السردين اللذين رافقا الكثير من السرديّات الفلكلوريّة والأسطوريّة والتراثيّة القديمة وصولاً إلى السرد الحديث حيث بات هذا السرد ملمحاً من ملامح الحداثة التي تسعى إلى الجديد، وتتجاوز التقليدي والرتيب. ومن ثمّ رصدتْ أهمّ تجلّيات هذا السرد (الغرائبي/العجائبي) في الإنتاج الإبداعي الحديث ضمن عمل نقديّ يؤصّل للسرد الغرائبي والعجائبي في الأدب الأردني الذي لا تنقصه التجربة والمرحلة التاريخيّة الحرجة ولا الموهبة لتشكيل تيّار سردي جديد وريادي. لقد وقع الباب الأوّل حول السرد الغرائبي والسرد العجائبي في الرواية في فصلين؛ الأوّل منهما يهتمّ بالسرد الغرائبي دون العجائبي؛ فكان أرضاً لدراسة السرد الغرائبي في روايات أردنيّة وصولاً إلى تفكيك فنّيّات هذا السرد ورصد آليّاته وتفسير رموزه. أمّا الفصل الثاني حول السرد العجائبي، فكان فرصة مواتية لدراسة روايات أردنيّة بُنيت على هذا النوع من السرد العجائبي. أمّا الباب الثاني المعقود تحت عنوان (السرد الغرائبي والسرد العجائبي في القصة القصيرة في الأردن)، فقد وقع في فصلين أيضاً، وهما: (السرد الغرائبي في القصة القصيرة) و(السرد العجائبي في القصة القصيرة)، وقد تصدّيا لدراسة الكثير من القصص القصيرة في الأردن وتحليلها؛ إذ وظّفت هاتين البنيتين في سرديّاتها، وجعلت منهما أداة جديدة لمحاكاة الواقع ولمهاجمة زيفه وللتنديد بمساوئه وسلبيّاته أملاً في رسم طريق إلى الحريّة. كما أنّ هذا الكتاب يقدّم زاوية جديدة للنظر إلى العمل الأدبي، ويهب سبيلاً غير مطروقة بإلحاح لفهم وتحليل العمل الأدبي، فضلاً عن أنه يشي بوجود أبواب سرديّة للعمل الأدبي، ويعد بمفاتيح سحريّة تفتح العمل على دلالات ورموز غنيّة بالإشارات والإحالات. وبذا يلح الكتاب على معيار مهمّ من معايير الموهبة والملكة الإبداعيّة؛ وهو معيار التميّز والتفرّد الذي يكسب الأديب سمتاً خاصًّا،كما يهب أعماله نكهة مميّزة، ويسمها بالتفرّد واختراق فضاءات جديدة ومدارات غير مستنفدة. هذا الكتاب الذي تتبع السرد الغرائبي والسرد العجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن قد تناول عددًا كبيراً من الأعمال الأدبيّة الأردنيّة عبر ثلاثين عاماً، وبعد دراسات تحليليّة مستفيضة كون الكتاب تصوراً خاصًّا حول فنّيات هذا السرد وغاياته وآليّاته، وخلص إلى النتائج التالية: 1- السردان (الغرائبي والعجائبي) أبرز وضوحاً وأكثر استخداماً في القصة القصيرة في الأردن عمّا هو في الرواية، ولعلّ ذلك يُعزى إلى أنّ الرواية –كما هو معروف- تشغل حيّزاً زمانيًّا ومكانيًّا كبيراً يعزّ على أيّ كاتب أن يملأه بالسرد ين الغرائبي والعجائبي اللذين يحتاجان إلى قدر أكبر من الموهبة والخيال، بينما الأمور تكون أسهل في القصة القصيرة التي يعمد إليها الكثير من الكتّاب لتوظيف هذين السردين. 2- السرد العجائبي أكثر استخداماً من السرد الغرائبي في الرواية، ولعلّ ذلك يعود إلى أنّ السرد العجائبي أوسع باباً كما أنّ المجال أوسع فيه لإطلاق العنان للخيال بعيداً عن أيّ قيود أو ثوابت طبيعيّة. 3- السرد الغرائبي هو البوّابة الأولى للسرد العجائبي؛ لأنّ تجاوز قوانين الطبيعة والخروج عن إسارها يحتاج بالضرورة إلى قدرة على التقاط الشاذ والغريب وصولاً إلى إنتاج المستحيل . 4- السرد الغرائبي والسرد العجائبي لا يعبّران عن قطيعة مع الواقع أو مغادرته، بل هما وثيقا الصلة بالواقع، ويمثّلانه، لكن دون نقله حرفيًّا، إنّما يتيحان للخيال هامشاً للمشاركة في هذا التمثيل؛ فهذان السردان وثيقا الصلة بوعي الأديب ووعي المتلقي كذلك. 5- كثيراً ما يلجأ الأدب إلى السرد الغرائبي والعجائبي أو إلى كليهما بهدف تمرير الانتقادات السياسية والاجتماعيّة في لبوس يعفيه من وزر الانتقاد وعبء المساءلة والاضطهاد. 6- يمتح السرد الغرائبي والعجائبي في الأدب الأردني من الموروث الحكائي والأسطوري والديني والفكري والثقافي الإنساني والعربي، ويسمحان لنفسيهما بإعادة صياغة وتشكيل هذا الموروث بما يتناسب مع أهدافهما وغاياتهما. 7- السرد العجائبي مثقل بالرموز والدلالات والإحالات كما أنّه قد يسلك أطول الطرق وأبعدها للتلويح بأهدافه ومغازيه، أمّا السرد الغرائبي فيكاد أن يكون واضحاً في أهدافه ومراميه؛ ولعلّ ذلك يعود إلى مرجعيّة كلّ منهما التي قد تكون مرجعيّة مثقلة بالأسطوري والحكائي في السرد العجائبي،بينما يتخفّف السرد الغرائبي من هذه الأثقال. 8- الأدب الأردني (الرواية /القصة القصيرة) يشهد توجّهاً واضحاً لا يمكن تجاهله في توظيف السرديّة الغرائبية والعجائبية، ويظهر ذلك جليًّا في النماذج الأدبيّة التي تناولتها الدراسة؛ إذ إنّ النماذج يزداد عددها، ويتعمّق تمثّلها لهذين السردين كلّما كانت أحدث زمنيًّا. 9- يغلب أن يسيطر السرد اللاحق (الماضي) على السرد الغرائبي والعجائبي،على الرغم من ظهورالسرد المتزامن (الحاضر) أو المتقدّم (المستقبل) في بعض الأعمال الغرائبية والعجائبيّة. ولعلّ ذلك يعود إلى أنّ السرد اللاحق يمنح المتلقي الشعور بالأمان لانتهاء الحدث، كما أنّه يوهمه بوثوقيّة الحدث. 10- يغلب أن يكون السرد على لسان الراوي المشارك في الحدث وغالباً ما يكون الراوي هو البطل؛ذلك لأنّ تدخّل الراوي في الحدث الغرائبي والعجائبي يصعّد من غرائبيّة أو عجائبيّة الحدث،كما أّنه يسمح بإيهام المتلقّي بواقعيّة الأحداث. 11- المعجم اللغوي للسرد الغرائبي والعجائبي معحم ثريّ بالصور التخييلية، ويقارب اللغة الشعريّة في بعض الأحيان، كما أنّه يتوافر على رصيد كبير من التناصات مع نثريّات وشعريّات الموروث والأدب ،فضلاً عن تأثّره ببنائية اللغة في النماذج الخيالية المشهورة مثل ألف ليلة وليلة. 12- السرد الغرائبي والعجائبي في الأدب الأردني لا يطرح نفسه أداة للعبث وانعدام الفكرة أو حتى أداة للتسلية السلبية والمفرغة من أيّ فائدة، بل هو أدب مثقل بقضيته وواقعه، ولايغادرهما إلا ليعود إليهما. وتحتّل القضايا السياسيّة والاجتماعيّة المكان الأبرز في هذا الأدب. 13- السردان الغرائبي والعجائبي في الأدب الأردني لا يقدّمان حلولاً أو تصوّراً لطرق العلاج، بل يواجهان المتلقّي بواقعه ومشاكله، وله بعد ذلك أن يبحث عن طريق الخلاص أو يستكين، ولكن ذلك لا يبرّئ هذين السردين من التحريض على الرفض، والدعوة إلى الثورة، والتنديد برموز الاستلاب، وأدوات القهر، وطرق الاستعباد. 14- كثيراً ما تتشابه مضامين السرد الغرائبي والعجائبي في الأدب الأردني، فنرى أكثر من أديب يلحّ على فكرة بعث الأموات، وحديث الأجنّة، واختلال نواميس الطبيعة، ومسخ البشر إلى كائنات أخرى . ولعلّ ذلك يعود إلى تشابه مصادر الثقافة، والتأثر بالظروف نفسها إلى جانب تأثر الأديب بأدب غيره، فضلاً عن قصور بعض المخيّلات عن إبداع الجديد واتكائها على التقليد والمحاكاة. 15- بعض الكتّاب الأردنيين يغالون في التعمية والغموض والانسياق وراء التلميحات إلى درجة تحيل بعض الأعمال إلى طلاسم غير مفهومة ، الأمر الذي يسدّ منافذ التواصل مع العمل، ويجعل نصيبه من الإفادة والإمتاع متواضعاً جداً.