كتاب الصبي الأعرج بقلم توفيق يوسف عواد أنا لم أكتب هذه القصص وأدفعها إليك عبثاً، بل هي الحياة التي عشتها-وهي قليلة حتى اليوم بعدد سنيها، ولكنها كثيرة بالتجارب التي تمرست بها-فتحت عيني على أشياء جميلة هنا وقبيحة هناك، فأردت وصف هذه الأشياء فلم أجد وسيلة إلى ذلك خيراً من القصة.الواقع أن القصة تتسع لمرادي كل الاتساع، ولعلك
تلاحظ معي أن القصة في الأدب العالمي تكاد تكون اليوم أعظم مظاهرة وأكثرها انتشار. وقد انتهى الأدب العالمي إلى القصة في كيانها الحاضر بعد تطورات استمرت عصوراً، فلبست مع كل عصر زياً، حتى كان هذا العصر فإذا هي تحاول أن تضم ألوان الحياة كلها وتكون ترجماناً لجيل بما في رأسه من أفكار، وفي قلبه من أشواق وآلام، وفي محيطه من أخلاق وتقاليد.وبعد، فهل أنا في حاجة إلى كلام على قصص هذا الكتاب؟ هل أنا في حاجة إلى القول أنها مستمدة من لمحيط الذي أعيش فيه؟ قد يكون أشخاصها حقيقيين ولا يكونون، وقد تكون حوادثها واقعية ولا تكون ولكنها، في الحالتين، نماذج مأخوذة من حياتنا اليومية البسيطة، المملوءة على بساطتها بالأسرار. أجل، إن ألوان هذه القصص تختلف باختلافها، فمنها ما يغلب عليه التوجيه، ومنها ما يغلب عليه التحليل، ومنها ما يغلب عليه وصف الأخلاق والتقاليد، ومنها ما لا يحتوي إلا على العبث ولذة الفن المجردة. على أنها كلها ترمي إلى غاية أولى، وهي أيضاً غاية الأدب الأولى في نظري منذ كان في الدنيا أدب، وأعني بها المعرفة. وهل من غاية للأدب أسمى من مد يديه إلى هذه العلاقات السحرية التي تربط الإنسان بنفسه، وبما حواليه من حي وغير حي، وإبرازها، وضفرها، وجعلها كالحبال حتى لتجس باليد وتمسك؟حسبي من محاولتي هذه نبل مقصد، وحسبي في أدبنا العربي الحديث الجرأة على هذه المحاولات