كتاب القلق الوجودي بقلم سعد صلال ... الكائن الحي ، والانسان خصوصا ، قلق لانه حي .. و لذلك فهو يتصرف للتخلص من حياته و مشاغلها ، بمشاغل اخرى اقل كلفة لكسب اي رصيد من الطمأنينة .. و يبدأ الامر ، بمحاولة ان يفهم ما يجري له هو شخصيا ، ثم محاولة الخروج من ذاته الى الخارج ، فيجد الطبيعة ، فيحاول ان يتعايش معها رغم قوتها وقسوتها .. ثم يجد النباتات والحيوانات ليقيم علاقات سلمية نفعية معها ، ثم يجد من يشبهه كبشر ، فيتزاوج و يتناسل و يؤمن الحماية و الرعاية لنفسه وسواه .. كل ذلك من اجل ان يشعر انه جزء من منظومة اكبر من نفسه ، ليسكن اليها ، ويطمئن تحت ظلها .. رغم ما بها من متاعب و مسؤوليات .. فيتسع بمحيط انتمائه لسواه من البشر بعناية و سياسة حذرة احيانا ، واخرى مقاتلة ، من اجل تحقيق اكثر ما يمكن من السلام معه .. ولكي يحقق كل ذلك ، فانه حوّل انفعالاته العابرة غير المستقرة الى آداب ، و منها ولدت الفنون التي نعرفها اليوم .. وحتى التقدم العلمي . لقد هندس الأدب و أبدع العلم .. كل ذلك بسبب رغبته الانتماء لقطيعه البشري ، و تخفيف قلقه الوجودي ، كـ ( كائن حي ) .. ان شتى المسميات المرتبطة بما يسمى ( علوم ) ، عبارة عن نتيجة منطقية لهذا الاستعداد الفطري في الانسان . الانتقال من العشوائية الى التنظيم . وضع الحدود والفواصل والخطوط والزوايا .. حدد التعاريف .. اسس لمبدأ المعيارية والمؤشراتية .. انتج الجدولة . رتب و يرتب و سوف يظل يرتب انفعالاته ، ليصبح عالمِا ، وليس لانه عِالم فرتب الامور .. أن الانسان ليس ( علميا ) ليتفكك بل هو مفكك فطلب ( العلمية ) .