كتاب المستشرقون والتراث

كتاب المستشرقون والتراث

تأليف : عبد العظيم الديب

النوعية : التاريخ والحضارات

حفظ تقييم
كتاب المستشرقون والتراث بقلم عبد العظيم الديب..ربما كان المدخل الصحيح لتقييم عمل المستشرقون ودورهم في مجال تراثنا. هو الإجابة على هذه الأسئلة: كم كان حجم تراثنا؟ بمعنى: كم كان يقدر عدد الكتب التي تصلنا، لو لم يقدر له أن يلقى ما لقي، من تحريق وتغريق، وسطو وابتزاز، وإهمال وتهاون؟، ثم كم بقي لنا بعد ذلك كله؟، ثم كم منه في ايدينا الآن؟، وكم في ايدي المستشرقين؟، وماذا صنعنا بما في ايدينا؟، وماذا صنع المستشرقون بما في ايديهم؟، وكم حقق ونشر منه؟، وكم حققنا؟، وكم حقق المستشرقون؟، أعتقد أن الإجابة الدقيقة المحددة عن هذه الأسئلة هي التي تعطي الصورة الصادقة. والحكم الصائب على عمل المستشرقين، ما دمنا بصدد تقييمه ووضعه في مكانه، وإعطائه قدره.


إن ما ضاع من تراثنا لا يمكن بحال أن يخضع لتقدير، فمن يستطيع أن يقدر عدد المجلدات التي صنعت الجسر، بل السد الذي عبرت عليه خيول هولاكو وجنوده بين شاطئي دجلة، ومن الذي يستطيع أن يحصي ما حرقه الصليبيون في حملاتهم التي جاءت في موجات متتالية مثل موجات التتار، وأشد فتكا، وبحسبنا أن نذكر أن "بعض المؤرخين قدر ما أتلفه الصليبيون في (طرابلس) وحدها بثلاثة ملايين مجلد"، ويحدثنا التاريخ "أن أحد الأطباء رفض دعوة سلطان بخارى للإقامة في بلاطه، لأنه يحتاج إلى أربعمائة بعير لنقل مكتبته".
فإذا كانت الكتب في مدينة واحدة (طرابلس) نحو ثلاثة ملايين، والكتب التي في مكتبة خاصة لواحد من الأطباء تبلغ حمل أربعمائة بعير، فكم يبلغ ما كان في المدن الإسلامية كلها؟ وما كان في المكتبات الخاصة كلها؟ فإذا كان هو حجم التراث، وكان الباقي منه نحو ثلاثة ملايين مخطوطة فقط، فإذا عرفنا ما بقي بأيدينا، وما بقي بأيدي المستشرقين، وما نشرناه، وما نشره المستشرقون، وماذا نشروه من التراث؟ ولماذا نشروه؟ وكيف نشروه؟، إذا عرفنا ذلك، نستطيع أن نفصل في القضية، وأن نقدر للقوم عملهم حق قدره، لا ننقصهم، ولا نبخسهم، ولا نزيدهم، ولا نمجدهم، بدعوى (الاعتدال) و(الإنصاف) أو تغطية لشعور العجز والهوان، وسنحاول في الصفحات القادمة أن نقدم نموذجاً لهذه الدراسة، علها تكون خطوة على الطريق، نحو الحكم (المنهجي) (العلمي) (الموضوعي) على عمل المستشرقين، ودورهم في التراث.

كتاب المستشرقون والتراث بقلم عبد العظيم الديب..ربما كان المدخل الصحيح لتقييم عمل المستشرقون ودورهم في مجال تراثنا. هو الإجابة على هذه الأسئلة: كم كان حجم تراثنا؟ بمعنى: كم كان يقدر عدد الكتب التي تصلنا، لو لم يقدر له أن يلقى ما لقي، من تحريق وتغريق، وسطو وابتزاز، وإهمال وتهاون؟، ثم كم بقي لنا بعد ذلك كله؟، ثم كم منه في ايدينا الآن؟، وكم في ايدي المستشرقين؟، وماذا صنعنا بما في ايدينا؟، وماذا صنع المستشرقون بما في ايديهم؟، وكم حقق ونشر منه؟، وكم حققنا؟، وكم حقق المستشرقون؟، أعتقد أن الإجابة الدقيقة المحددة عن هذه الأسئلة هي التي تعطي الصورة الصادقة. والحكم الصائب على عمل المستشرقين، ما دمنا بصدد تقييمه ووضعه في مكانه، وإعطائه قدره.


إن ما ضاع من تراثنا لا يمكن بحال أن يخضع لتقدير، فمن يستطيع أن يقدر عدد المجلدات التي صنعت الجسر، بل السد الذي عبرت عليه خيول هولاكو وجنوده بين شاطئي دجلة، ومن الذي يستطيع أن يحصي ما حرقه الصليبيون في حملاتهم التي جاءت في موجات متتالية مثل موجات التتار، وأشد فتكا، وبحسبنا أن نذكر أن "بعض المؤرخين قدر ما أتلفه الصليبيون في (طرابلس) وحدها بثلاثة ملايين مجلد"، ويحدثنا التاريخ "أن أحد الأطباء رفض دعوة سلطان بخارى للإقامة في بلاطه، لأنه يحتاج إلى أربعمائة بعير لنقل مكتبته".
فإذا كانت الكتب في مدينة واحدة (طرابلس) نحو ثلاثة ملايين، والكتب التي في مكتبة خاصة لواحد من الأطباء تبلغ حمل أربعمائة بعير، فكم يبلغ ما كان في المدن الإسلامية كلها؟ وما كان في المكتبات الخاصة كلها؟ فإذا كان هو حجم التراث، وكان الباقي منه نحو ثلاثة ملايين مخطوطة فقط، فإذا عرفنا ما بقي بأيدينا، وما بقي بأيدي المستشرقين، وما نشرناه، وما نشره المستشرقون، وماذا نشروه من التراث؟ ولماذا نشروه؟ وكيف نشروه؟، إذا عرفنا ذلك، نستطيع أن نفصل في القضية، وأن نقدر للقوم عملهم حق قدره، لا ننقصهم، ولا نبخسهم، ولا نزيدهم، ولا نمجدهم، بدعوى (الاعتدال) و(الإنصاف) أو تغطية لشعور العجز والهوان، وسنحاول في الصفحات القادمة أن نقدم نموذجاً لهذه الدراسة، علها تكون خطوة على الطريق، نحو الحكم (المنهجي) (العلمي) (الموضوعي) على عمل المستشرقين، ودورهم في التراث.

(1348- 1431 هـ/ 1929- 2010م) وُلد العالم الجليل الدكتور عبد العظيم محمود الديب في قرية كفر إبري التابعة لمركز زفتى محافظة الغربية بمصر في عام 1929م وحفظ القرآن الكريم منذ صغره في كتّاب القرية وهو دون العاشرة، التحق بالمدرسة الإلزامية لمدة 5 سنوات تمهيدًا للالتحاق بالأزهر؛ حيث كان لزامًا على من يدخلون الأزهر أن يكونوا من حفظة القرآن، ثم أتمَّ تعليمه في المعهد الديني الثانوي بمدينة طنطا في محافظة الغربية، أنهى دراسته الثانوية بمعهد طنطا الديني بعد 9 سنوات دراسية وهو في سن الثامنة عشرة، التحق بكليتي أصول الدين بجامعة الأزهر ودار العلوم في وقت واحد، وفي السنة النهائية علمت إدارة كلية دار العلوم أنه يدرس في كليتين في آنٍ واحد فخيرته بين إحداهما، فاختار استكمال الدراسة في كلية دار العلوم وتخرَّج فيها عام 1956م.
(1348- 1431 هـ/ 1929- 2010م) وُلد العالم الجليل الدكتور عبد العظيم محمود الديب في قرية كفر إبري التابعة لمركز زفتى محافظة الغربية بمصر في عام 1929م وحفظ القرآن الكريم منذ صغره في كتّاب القرية وهو دون العاشرة، التحق بالمدرسة الإلزامية لمدة 5 سنوات تمهيدًا للالتحاق بالأزهر؛ حيث كان لزامًا على من يدخلون الأزهر أن يكونوا من حفظة القرآن، ثم أتمَّ تعليمه في المعهد الديني الثانوي بمدينة طنطا في محافظة الغربية، أنهى دراسته الثانوية بمعهد طنطا الديني بعد 9 سنوات دراسية وهو في سن الثامنة عشرة، التحق بكليتي أصول الدين بجامعة الأزهر ودار العلوم في وقت واحد، وفي السنة النهائية علمت إدارة كلية دار العلوم أنه يدرس في كليتين في آنٍ واحد فخيرته بين إحداهما، فاختار استكمال الدراسة في كلية دار العلوم وتخرَّج فيها عام 1956م.