كتاب المقلوب بقلم ابتسام شاكوش ....مجموعة قصصيةكعادته كل يوم, تسلل إلى فراشه خلسة ونام مكبا على وجهه,وكعادتها كل يوم,لحقت به أمه تنبهه: لا تنم منبطحا على بطنك يا ولدي هذه نومة الشياطين,انقلب على جنبه , وحين سمع خطواتها تغادر الباب عاد فانبطح...كيف لا يكب على وجهه وقد فارقته ليلى اليوم مغاضبة مهددة باستبداله بسواه,إذا لم يقم
بعمل يثبت لها من خلاله أنه رجل, وأي رجل؟لقد أرسلت إليه كل هداياه وفوقها خاتم الخطوبة,ليلى رأته اليوم بأم عينها وهو ينحني أمام أمه بمذلة,يقبل يديها راجيا أن تعطيه دريهمات يشتري بها هدية العيد لخطيبته,أية رجولة تريدها ليلى وهو ما زال مستسلما لأمه,تحمله تمائمها لتحفظه من الحسد ومن السحر ومن عيون النساء؟ عيون النساء؟أية عيون هذه التي تخشاها أمه وهو لا يرى من الدنيا سوى عيني ليلى,يتمنى لو توجه إليه سحرها فتجعله يتبخر كالماء ويسري في الفضاء,يعلو ثم يعلو, يتحول إلى غيمة تمطرها,تتغلغل في ثيابها,تلامس دفأها لتتبخر من جديد,أي سحر ينتظر من ليلى وأمه ما تزال مصرة على ألهائه بحكاياتها,عن عشيرتها الضاربة الجذور عميقا في بطن التاريخ, عن بطولات أشخاص تسميهم بأسمائهم,عن مواقع المعارك التي انتصروا فيها,وما تزال مصرة على إعطائه يدها,ليقبلها في كل خروج له ودخول إلى المنزل,وإن تلكأ قطعت الزاد والنفقة,وامتنعت عن التحدث أو الإنصات إليه......