كتاب اليوم الثاني والعشرون بقلم محمد علاء الدين ...."عماد الرواية إنسانٌ يمارس فعل التّذكر، أو استعادة حوادث علاقةٍ وضعت أوزارها. تالياً، لا يخفى على أحد، في هذا الإطار، أن كل عمليّة استعادة يستحيل أن تجيء كاملةً، مهما يحاول صاحبها أن ينحو بها نحو المثالية، أو ينقلها إلينا بحذافيرها. من هنا، كان لا بدّ للشخصية الرئيسية، في خضمّ ذلك، أن
تنتقي من الحوادث ما توليه أهميةً، وما يشقّ طريقه إلى ذهنها بوتيرة أسرع من غيره، فتعيد علينا صوغه بشكل صور مرتّبة وفق نمطية خاصة ومختلفة، ترتبط بمقدار تأثير الحدث على نفسية بطل الرواية. من هذا المنطلق، لا عجب أن تنقلب مقاييس السرد رأساً على عقب، فيتابع القارىء نهاية الحدث قبل بدايته، أو يقرأ منتصفه قبل أن يعرّج على الثلث الأخير منه ليعود بعد ذلك إلى نقطة البداية. ولا عجب أيضاً أن يقفز علاء الدين بالقارىء، كما كرة اليويو، من حادث لمّا ينته بعد إلى آخر كان بدأ في زمن غير معروف. أما اختيار هذه المقاربة كأسلوب فنيّ يمتدّ على صفحات "اليوم الثاني والعشرون"، فمردّه على الأرجح إلى ولع بإعادة ترتيب الزمن، تجيز مدلولاته التركيز على صور دون غيرها؛ فيبرع الكاتب في بتر حوادثها، ثمّ العودة إليها متى وجد إلى ذلك سبيلاً، ببراعة وسلاسة في الأداء