كتاب بذور الرشد: تفسير سور الحاقة - المعارج - نوح للمؤلف محمد باباعمي حرصت السور الثلاث على شدّ انتباهنا إلى الأمم السابقة التي حاق بها العذاب، وعلى قراءة التجربة الخالدة للأنبياء جميعًا، ومنهم أبو الأنبياء نوح عليه السلام؛ وعلى سَنامهم، وخاتمة لهم، رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاناته مع قومه (كفَّار قريش)، وكيف رموه بكل داء
مُهين، واتهموه بكل عيبٍ مشين. لا بدَّ من قراءة متأنية لهذه الحقب من عمر البشرية، ولا مصدر لها سوى كلام الله تعالى؛ ذلك أنَّ غيره من مصادر التاريخ، لا يعدو أن يكون "سجلات للأحداث"، و"دفاتر للآثار"، و"تواريخ مختلَف فيها غالبا"، و"أسماء لملوك وغزاة"، و"سردا للأماكن والوقائع والجغرافيات"، و"تتبعا للحروب والغزوات"... أمَّا القرآن الكريم، فيدقق الخَبر، ويسجّل العِبرَ؛ ويعتني بأدقّ التفاصيل والجزئيَّات، كما يرسم القوانين والسنن الكونية التي تحكم سير البشرية في الكليَّات... ذلك أنَّ الذي أنزله، هو ربُّ الناس، وهو العليم بهم سبحانه وهو القائل: "لا تخفى منكم خافية".