كتاب "بروست" هو فعل فهم حيث يَبرزُ، في الوقت ذاته، العملُ الأدبي المفهوم والذي فهمه، في هذا الفهم يشاركُ الإدراك، كلّهُ، الحساسيّةُ، الحدْسُ والفكاهة.
تتدخّل الفكاهةُ تحديداً في الأسلوب، بكونها محمولة على محيط البحث. يترك صمويل بيكيت الاضطرابَ يُهدهدُ جملتَه، بالوتيرة ذاتها التي لدى بروست: في الوقت ذاته إشارة وطريقة في فهم ما يتحدّث عنه بشكل أفضل. ثمة فهمٌ أيضاً في الانتقاء الذي يقوم به بيكيت بالترجمة الشخصية لاقتباسات بروست، بالرغم من توفّر ترجمات سكوت مونكريف (Scott Moncrieff) منذ 1922. و يبرز صمويل بيكيت هنا كممرّر للكلمات غير الاعتيادية التي سيُعترفُ له بها لاحقاً.
سنستغرب لكون صمويل بيكيت، الذي صار الكاتب المزدوج الذي نعرفه، مترجماً ومبدعاً جديداً لأعماله بهذه أو بتلك اللّغة، لم يترجم هو ذاته كتابه عن "بروست" إلى الفرنسيّة. قيل مراراً إنه كان ينكر دائماً هذا العمل الذي أنجزه في شبيبته. في الحقيقة، إن هذا الترفّع تجاه عمله ثابت لديه. فبمجرّد انفصالها عنه، تصبحُ هذه الأعمال مزعجة له: صفحاتٍ مطويّة، آثارَ زوبعةٍ رمليّة.