كتاب تاريخ الظلم العربي في عصر الأنظمة الوطنية بقلم عادل سعيد بشتاوي نبذة النيل والفرات: خلال ستين عاماً عاشت الأمة جحيم ظلم أذاقتها الأنظمة كل نكهة منه: ظلم باسم الحرب على الإرهاب، وظلم باسم الحرب على المتشددين، وظلم باسم الدفاع عن الدين، وظلم باسم الوحدة، وباسم التقدمية، وباسم المحافظة، وباسم الوطنية، وباسم القومية،
وباسم الاشتراكية، وباسم الحزب، وباسم الأسرة الحاكمة. كان من ينادي بالحرية وحكم القانون يتهم بالعمالة والاستعمار. وذهب الاستعمار فصار يتهم بأنه عميل للإمبريالية، ولم يعد لهذا الاتهام معنى فصار يتهم بأنه شيوعي، وسقطت الشيوعية فصار يتهم بالإرهاب. ستون سنة والأمة تعيش هذا الظلم. ما طالب مواطن في دولة عربية بشيء من الحرية إلا اتهموه بأنه عميل للموساد. وما قال قائل كلمة حق في حاكم جائر إلا قالوا إنه إرهابي أو جاسوس أو خائن أو رجعي أو إمبريالي أو متآمر أو جمعوا فيه الصفات فصار بيت العرب اليوم أكبر معسكر اعتقال مفتوح في العالم. هذا وطن يقول المظلمون للنظام "كفاية"! فيرد كمن نفخ إبليس الاستكبار في أنفه: "مش كفاية!" هذا وطن يقول الناس فيه لنظام: "كفانا من الأب ما كفانا"! فيرد عليه النظام: "الأب والابن وابن الابن أيضاً". هذا وطن يطالب الناس بالإصلاح وتأسيس البرلمان المنتخب للاعتراف بحقوق المواطنين فتتهمهم السلطات بالخيانة أو باستخدام مصطلحات غربية أو بالخروج على طاعة ولي الأمر. ففي أي العهود البائدة تعيش هذه الأنظمة؟ بهذه الكلمات تقدّم المؤلف إلى القارئ بهذه الكلمات كتمهيد لحديثه عن تاريخ الظلم العربي في عصر الأنظمة الوطنية. وهو يقول بأن كتابه هذا ليس المكان المناسب لمحاكمة الإمبراطوريات والحكام العرب الذين تعاونوا معها في الماضي والحاضر، وأن ما جمعه في طياته مواضيع لها أفق بعيد مثل الثورة الصناعية وعصر النهضة في مصر والثورة الفرنسية والسلطان عبد الحميد والشباب الأتراك والفيليبين. وجلّ قصد المؤلف تقديم بعض الأمثلة التي تساعد القراء على المقارنة والاختيار وتوفير المادة التي يعتقدها مناسبة لكي تساعدهم على اتخاذ القرار. وتلك الأمثلة في جملتها خلفيات لما يحدث اليوم، وبالمقارنة والقياس يكون بالمستطاع رؤية هذا الاتصال الخفي بين الحدث والآخر والحقبة التاريخية والثانية، وبالمقارنة أيضاً يستطيع القارئ أن يرى أن العالم العربي اليوم واقف حيث وقف السلطان عبد الحميد في مواجهة الشباب الأتراك قبل نحو مئة عام. ومنذ نحو مئة عام فتح الشباب الأتراك عيونهم على الكوكب من حولهم في تلك المرحلة المفصلية المتكررة التي تصادف عادة نهاية القرن القديم وبداية الجديد، فرأوا نظامهم السياسي الديناصوري في عالم وأنظمة الغرب في عالم آخر فارتعشت قلوبهم شوقاً للحرية والعصرنة والإصلاح لأن الخيار الذي واجههم هو أن تتدخل القوى العظمى وتجبر الإمبراطورية على الإصلاح الذي تريده.