كتاب تباوا

تأليف : نايف الجهني

النوعية : الفكر والثقافة العامة

كتاب تباوا بقلم نايف الجهني "تباوا" العنوان الذي اختاره "نايف الجهني" بكفاية روائية ملحوظة، تتجلى في طلاوة السرد وسلاسته وهو يتناول من أشياء الذات ومشاعرها وأفكارها وأحلامها، وهي تلهث لإدراك سر وجودها، وحكمة خلقها، وماذا ينتظرها؟! وقبل الولوج إلى النص، قدم الجهني لروايته سر الحياة متذكراً تلك العبارة الشهيرة "الناس نيام فإذا ماتوا

 انتبهوا". وهذا يعني أن الراوي جعل الدخول إلى النص دونه عتبات/عقبات تحاول توجيه القارئ وفرض قراءة معينة عليه: ".. الحياة ملكك، وهي التي تمنحك نفسها؛ إن عرفت كيف تقرأ ما تخفيه في باطنها، احذر أن تتعلق بشيء، فالإنسان الواعي العاقل يؤمن بثنوية الكون ونقائضه ويرى كلا النقيضين بوضوح تام (رؤية الخير والإيمان به ورؤية الشر والإيمان بوجوده وعدم الفصل بينهما لأن الفصل من مخادعات العقل التي يمارسها ضدنا... وهكذا). عندما نقرأ نايف الجهني نجده يكتب في فضاء التجربة المطلقة، بنصوص مفتوحة على اللازمان واللامكان، وبقدرة على التلاعب بكل عناصر النص، فيعيد تركيب الشخوص والأدوار والأحداث ووجهات النظر ويخضعها لأسلوبه الخاص وقراءاته ".. تذكرت الكتب التي قرأتها، العقل الكوني، الكارما وأجزاؤها، التأمل وإدراك الروح، النورانية، الحياة الخفية، وتذكرت الحوار الذي دار بين أبي وأبو سعران) ونحن ننهل من بئر وادي موسى في البتراء، في إحدى رحلاتنا للأردن، وهو يقول له: اشرب، اشرب يابو سعران، يمكن الطاقة ترجع لنا. الطاقة، أي الطاقة، راحت طاقتنا، نحن الآن مثل الوهم". وهذا يقودنا إلى القول إن الفن الروائي ليس حكراً على العام، المشترك، الواقعي، بل قد يدخل الخاص المفارق، المختلف، في مجاله الحيوي. والخاص في هذا العمل والذي برع نايف الجهني في إثارة عقل القارئ فيه؛ هو إعمال العقل في الدين، وفي الروح، وفي الجسد، وإخضاع كل شيء للمسائلة والتفسير حتى النوم وجد فيه الجهني معانقة للروح يقول: "إنه نوم عن معانقة الروح، نوم يصنعه توثب العقل الدائم، نوم يصوغه عدم إبصار الحقيقة بالجوارح كلها؛ فاستنفار طاقات الكلام غير المجدي نوم، واستهلاك الروح في الماديات وعبادتها نوم، والقصائد المتشابهة نوم، والسفر المحدود نوم، وترديد العبارات والشعارات السياسية والدنيوية نوم، في كل هذا نحن نيام، نيام عن وعينا وإدراكنا للروح، نيام عن لذة الحياة القابعة في أقاصي أعماقنا، نيام عن الدهشة والحب، نيام عن المطلق وعظمته...". وهكذا، استطاع الجهني عبر "تباوا" أن يقدم نصاً روائياً متماسكاً، ينطلق من الواقع ويقترب من حدود الفلسفة، ويصالح بين الحياة والموت، بين الخير والشر، وقد عرف صانعه كيف يحافظ على التوازن الدقيق بين الواقع والفكر، على صعوبة هذه المهمة.

شارك الكتاب مع اصدقائك