كتاب تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى بلاد الغرب بقلم عمر أبو النصر تعتبر قصّة بني هلال واحدة من القصص التي تنتظم في سلك الأدب الشعبي، ولعلها من أشهرها لما كانت تلاقيه من رواج في أوساط عامة الشعب، حيث كانت تستحوذ على نفوسهم وعقولهم، وقد تعلقوا بما جاء فيها من قصص البطولة والشجاعة والفروسيّة دغدغت عواطف الناس
وملأت عليهم حياتهم اليومية، عندما كان الراوي أو الحكواتي يحكي تفاصيل أخبارها وبطولات فرسانها وشجاعة شخصيّاتها، فتملأ نفوسهم بالعزّة والأنفة، مغتبطين بنصر هؤلاء الأبطال على أعدائهم، في كلّ حلّ وترحال، أو لقاء في ساحات القتال. وكذلك كان الأسى يملأ النفوس، وتشرئبّ الأعناق، المآقي بالدموع عندما يؤسر البطل، أو يقتل فارس. فينادي الجميع بطلب فكّ الأسير البطل، أو بالأخذ بالثأر من القاتل الغاشم. إن قصة تغريبة بني هلال، هي عبارة عن مجموعة قصص قصيرة كلّ منها تشكّل ومدة متماسكة، من حيث الشخصيات والأحداث، والمقدمات والنتائج. ومع هذا فإنّ القصص جميعاً تنتظم في وحدة موضوعية تعبّر عن بطولة بني هلال عندما كانوا يتلاقون مع الأعداء خلال رحلتهم الطويلة، من بلاد نجد، موطنهم الأصلي، حيث اضطرتهم صعوبة الاستمرار في العيش هناك بسبب القحط والجدب والجفاف، فاتجهوا شرقاً نحو بلاد العجم والترك،، ثم بلاد الشام، فمصر، فالصعيد، ثم اتجهوا غرباً نحو بلاد تونس وما جاورها حيث استقر بهم المقام. وتضّم قصة تغريبة بني هلال أربع عشرة قصّة قصيرة وعشرة أحداث متنوعة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموضوع الأساسي للقصة وهو وصف بطولات بني هلال، وما لاقوه من مصاعب خلال رحلاتهم الطويلة شرقاً وغرباً. وممّا لا شك فيه، أنّ هذه القصة الغنية بالشخصيات والأحداث والمواقف، تضفي على الأدب الشعبي لوناً خاصاً يمثل الحياة الاجتماعية والفكرية التي كان يعيشها الإنسان العربي في تلك الفترة من الزمن، وينقل لنا صورة صادقة عن واقع الشعب وآماله وتطلعاته.