كتاب ثورة دوت كوم بقلم محمد سامي.. إنني أنأى بنفسي أن أمتشق قلمي لأسب وألعن في هذا وذاك.. أولاً لأن الثورة التي قامت يجب أن تتشرف بكل ما يحدث في عهدها وما بعده.. ثانيًا لأنني فعلت ما أريده في عهد النظام الذي انهار، ككاتب حين كتبت في بعض الصحف عن مسئولين ووزراء أحاسبهم بما لهم وما عليهم، أو كروائي كما في روايتي (هناك من يرحل وحيدًا)،
أو كروائي كما في روايتي (هناك من يرحل وحيدًا)، أو حتى كناشر، بمجموعة من الكتب والروايات التي تشرفت بأن نشرتها من خلال الدار، مثل رواية (القصر) التي تحدثت عن فساد الرئاسة، أو كتب (مصر من البلكونة) و(دمار يا مصر).. وقد قامت مباحث المصنفات بمصادرة الأخير، فقمت بطبعه من جديد، وتم استدعاء مؤلفه، صديقي العزيز (محمد فتحي)، إلى جهاز مباحث أمن الدولة، ونصحني البعض بأن أستفيد بهذا الحدث وأروج له، لكني لم أستجب لا أنا ولا (فتحي) نفسه، انطلاقًا من أننا نسعى لتقديم رؤيتنا ورأينا، لا المتاجرة بقضية وطن، كنا نراه يحتضر..
واليوم أكتب هذا الكتاب، وكلي سعادة وفخر بما حققه شعب مصر العزيز، بكافة فئاته الاجتماعية والعمرية.. أكتب محاولاً أن أتحرى فيه المصداقية والحيادية، على قدر جهدي، من أجل أن يكون أرشيفًا وتأريخًا لثورة، لم أتصور أنني سأراها في حياتي..
ثورة على الفساد والظلم..
ولم نكُ أبدًا – نحن شعب مصر- نحيا في عصر شرعي، ولا في حكم شريف.. عشنا طيلة ثلاثين عامًا – وقد أحجم في القول لأقول أكثر من خمسين عامًا- في ظل سياسات قمعية، استغلت الشعب المصري واستباحت خيراته أولاً، ثم استباحت عرقه ثم حياته نفسها..
حتى جاءتهم الضربة القاضية، على يد الشباب الذين ادعوا – الحكام- أنهم شباب لا خير فيه.. تمامًا كما تصور النازي إبَّان احتلاله فرنسا.. أن الشباب الفرنسي هو أميع شباب أوربا وأوهنهم، وأن احتلال فرنسا هو نزهة للجيش الآري.. فلقي النازيون أمر مقاومة على يد هذا الشباب..
دعونا نقف ونحي شباب مصر الحر العظيم، الذي ضحى بالنفس والجهد والعرق حتى يحصل على حريته وحتى ينال كرامته التي ضاعت على مر السنين، واسمحوا لنا أن نرفع القبعات تحية لجموع الشعب التي سمعت نداء الشباب ولبت نداءهم، فتجمع الشعب حول نداء واحد مفاده ألا تهاون ولا استسلام بعد اليوم، فحصل على حريته، ونال مطالبه.
لا يزال الشعب المصري يا سادة هو قلب الأمة النابض رغم المعاناة.
إننا جميعا نقدر ونحترم ما قام به شباب وبنات ورجال ونساء وشيوخ مصر خلال الأيام الماضية، مثقفيهم وأميّهم.. أغنياءهم وفقراءهم.. مسلميهم ومسيحييهم.. والتي سيسجلها التاريخ بأحرف من نور.