كتاب جيران وجيران بقلم أحمد علي سليمان عبد الرحيم....جيــران وجيــــران! (أسرة منكوبة تعيسة ، كانت قد ابتليت بجيران هم إلى الجدران أقربُ منهم لما تحتوية لفظة جيران من معان. كانت الأم تعاني آلام المخاض ، فاتصلت بزوجها في عمله ليوصلها إلى مستشفى الولادة القريبة. وجاء زوجها وأخذها ، وأغلق باب شقته على أبنائه الستة الذين لا يتجاوز عمْرُ أكبرهم الثامنة من عمره. وتاركاً البناية ذات الطوابق الثمانية والشقق التي جاوزت الثلاثين. وأوصل زوجته للمستشفى. وفي طريق عودته بسيارته صدم سيارته أحد المتهورين ، فمات ذلك المسكين البائس في الحال ، مخلفاً أبناء ستة لا يعلم بحالهم وأوضاعهم أحدٌ من الأهل ، وزوجة في المستشفى يعلم الله بحال الجميع. ولمّا عادوا بالخبر إلى زوجته أغمي عليها لمدة أربعة أيام من وقع الصدمة. أما الأولاد فاستمرّ صراخهم ونحيبُهم وبكاؤهم وطرقهم للأبواب والنوافذ بالقدر الذي أقلق سكان البناية (الجدران) أقصد (الجيران). ولم يبادر أحد الجدران بالاستجابة وبالسؤال ولا بمد يد العون ، ولا حتى بالاستفسار والسؤال: لماذا هذا الطرق المزعج الذي يقوم به الأبناء؟! فماتوا من الجوع جميعاً ، وذلك في اليوم الرابع. ووضعت الأم وليدها لتستقبل الحياة ، وقد فقدت زوجها وأبناءها. فيا لله ما هذه الجيرة؟ وما هذا الجوار؟ وما هؤلاء الجيران؟ وتحكي عن جيران لأسرة مبتلاة تسكن في بناية مؤلفة من خمسة طوابق. أسرة مؤلفة من زوج وزوجه وتسعة أبناء في مختلف مراحل العمر. وهناك في الطابق الرابع وعبر ليلة من ليالي الشتاء القارس ، وبينما الأسرة تغط في نوم عميق تنفجر اسطوانة الغاز ، إذ كان المطبخ مغلق النوافذ وكان هناك تسريب للغاز ، وتمدد الغاز وملأ المطبخ المحكم الغلق ، ووصل الغاز إلى مفاتيح الكهرباء ومعلوم أنه موصلٌ جيدٌ للكهرباء ، فوصّل بين الأقطاب الكهربية ، وكان هناك حريق هائل! ولم يكن أمام الجميع سوى البلكونة (الشرفة) فانطلقوا جميعاً إليها ، لضمان حياة مؤقتة حيث الأكسجين والهواء ، ولضمان الخيار بين الموت حرقاً أو الموت تردّياً! وانطلقتْ أنظارهم يمنة ويسرة باحثين عن أي طوق نجاة ، فلقد بعدوا عن شاطئ الحياة وانحسرت الدقائق عن موتٍ مُحقق بإحدى النهايتين: الحرق أو التردي! وبينما هم كذلك نظروا من دورهمُ الرابع ليجدوا جيرانهم قد أعدّوا فرُشهم ورتبوها على هيئة بئر لها جدران ، وأمروا الأب أن يُلقيَ بهم واحداً تلو الآخر بدءاً بزوجه على أن يكون هو الأخير! وقام الوالد بتنفيذ ما أمروا بسرعة.)