كتاب حلقات زحل تأليف ف. ج. زيبالد .. الكثيرون يصفون روايات الألماني سيبالد بالصعبة، ومن خلال قراءة روايته هذه والاطلاع سريعا على أوسترليتز فإنني لا أتفق .
النثر الكثيف الذي يكتب من خلاله سيبالد، والعمق الفوضوي الذي يستخدم تقنيات التشابك، تصنع من سرده كتلة ثقيلة من التدفق والبطء والضبابية المفككة .. ولكن من دون هذه الآليات فإن رواياته هذه التي تتعامل كثيرا مع الماضي، وبالتالي الذاكرة وتشظيها، ستفقد كثيرا من قوتها المكتسبة من ذلك الثقل المجتر مثل زبد كثيف يوحي بمدى عمقه وكثافته .
وأنا أقرأ شعرت وكأنني ألج غابة صنوبر كثيفة، تنبض بوحشة وجمال مزدوج، وتحيط بها هالة من الكآبة دائما .. هنالك نبرة طاغية من الكآبة التطهيرية تنهمر برقة مثل حبات الغبار في بؤرة الضوء فتصنع غشاء ساطعا منقطا من التأمل والتدفق الذي يشبه الحلم ..
