لم يكن يشغلني وأنا منهمك في كافة أنواع الكتابة التي مارستها في حياتي الأدبية إلا التعبير عن نفسي. ومن الناحية الفنية كنت أنشغل في إتقان أصول الفن الذي أتعامل معه: المسرح مسرح، والشعر شعر، والمقالة مقالة. ولهذا حدث التباس لدى بعض القراء (والشعراء المتمدرسين بغباء) مفاده أنني ضد قصيدة النثر. والمسألة هي أنني رجل إيقاعي. أي أنني كنت أشعر بأن حياتي مليئة بالإيقاعات.
ولهذا كنت أستنفذ إيقاعاتي الداخلية. ولكنني خلال عملي كله لم يغب عن بالي الإيقاع الخاص الذي يمتلكه النثر المتقن. وكنت طيلة حياتي معجباً ببعض القصائد النثرية وأحفظ قسماً لا بأس به منها. وهذا ما جعلني أجرب كتابتها. ولكنني قلما حاولت أن أنشر بعضاً منها. وها أنا الآن أقتحم هذا العالم. ومسوغي أنني أعده شعراً. أما مسوغي الثاني فهو إثبات أنني لست ضد هذا اللون الفني من الكتابة. وإذا لم يرض بعض القراء عن هذه المحاولة فسيكفيني إثبات أنني لست من مناوئيها. بل أنا مع حرية الفن والفنان.