كتاب زاد الأديب بقلم ربيع السملالي..:يقول الناقد والباحث أ. مصطفى بن عمور ..تلقيت هدية ماتعة من توقيع أخينا الاديب ربيع السملالي... وهي كتاب من جمعه وترتيبه وتقديمه... ولعل أول ما يتبادر إلى ذهن البعض أن الكتاب الذي يكون نتيجة جمع وترتيب ليس له من الأصالة ما للكتاب الذي يؤلفه صاحبه ابتداء... والحقيقة أن هناك ظنونا خواطئ بخصوص مهمة الجمع والاختيار... فالبعض يحسب أن الأمر لا يعدو جمعا يسير الكلفة سهل المأخذ...مبسوطا لكل يد... ممهودا لكل راغب... ولكن لو وضع أمام الامتحان لتبلبلت أفكاره وحارت به الظنون... ولفكر وقدر.. وفكر وقدر... وقدم وأخر ... حينها ينكشف له خطأ ظنونه وضربه في غير هدى... ولعلم أن الاختيار...
. انما هو مرآة عقل صاحبه. فأخبرني ما تختار... أقل لك من أنت وما قيمة عقلك......ولَعَلِمَ أن الاختيار إنما يقوم على التمحيص والمعارضة والمقارنة.... وهي عمليات تستوجب وجود عدة نقدية وآليات بحث حسب الموضوع وحسب الاقتراحات التي تتعارض فيما بينها أو تتوافق أو تتناقض مما يوجب التمييز بينها والموازنة والترجيح فكأن القائم بذلك يجد من الصعوبة ما لا يجده لو ابتدأ الكلام من نفسه وشرع في الكتابة من بنات أفكاره .... وهذا ما حدسته وأحسسته وأنا أقرأ ما أعده صديقنا الأديب ربيع السملالي... في كتابه الماتع الباذخ ( زاد الأديب)... الذي قسمه إلى فصول ثلاثة بدأها بالقراءة وثناها بالكتابة وختمها بالادب... وهي فصول يأخذ أولها بحجز تاليها في تسلسل منطقي تفرضه لازمة ارتباط القراءة بالكتابة وخاصة إذا كان موضوعها هو الأدب... بفخامة بنيانه وعظيم تراثه واختلاف اساليب شداته ومحترفيه... وسعة آفاقه... وتعدد أجناسه... التي غرقت فيها أعمار... وخاضت فيها... أفكار ... وتلاطمت فيها أمواج الإبداع طريفه وتليده... مما لا يدرك له مدخل معلوم ولا مخرج موهوم...
إن تلك الفصول التي ضم الكتاب أطاريحها ونوع من آراء كتابها ومذاهبهم في القراءة والكتابة وثمرات الإبداع تكشف بغناها عن مدى المخاض الذي عاناه مختارها وجامعها... خاصة وأنني لاحظت أنه لم يجعل القسمة بين كتابها ضيزى، بل راعى تنوع مذاهب أصحابها وأذواقهم بل وحتى جغرافية انتمائهم.... ومن يتابع أسماء اولئك الكتاب سيظهر له ذلك بجلاء.. يدفعه الى شكر من جمع تلك الأضمومة بفسيفسائها تلك... التي زينت الكتاب وأكسبته نفسا نقديا... قبل اريجه الأدبي الابداعي.... نعم!! فما كان ليختارها إلا على بصيرة... وعلم... واكتناه وسبر... وموازنة... فلم تقتصر على كونها زادا للأديب... بل تجاوزت تلك الدائرة لتنفتح على ترسيخ حس نقدي دون إلزام أو فرض رأي.... بل من خلال الرضى الذي ينتاب القارئ لتلك الفصول والجاسي في دروبها والمتنقل في فقراتها... دون ملل او كلل... او ندم... لأن الزاد الذي يستحصله... انما هو رحيق ابداع يستنسغه ومقومات نقد يتشربه... فيجمع المتعة الى الفائدة... وأنعم بها من ذخيرة ثمينة في زمن هزلت فيه كتب تخرجها المطابع وهي عليلة... فتموت في يد القارئ... او تذبل في رفوف النسيان...
إن هذا السفر نفيس لأنه جمع أوراقا زاهية وثمارا نضيجة من أشجار متنوعة الغرس في شجرة واحدة باسقة تسر الناظرين، وورودا مختلفة القدود والخدود من بساتين شتى... فرقتها الجغرافيا وجمعها نسب الأدب وحب القراءة ومخاض الكتابة..... في باقة موصولة الجذور بماء الإبداع الذي لا يغيض....
ولا ينبئك مثل خبير...