كتاب شرح الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية
تأليف : محمد بن صالح العثيمين
النوعية : العلوم الاسلامية
علم غزير...
وبحر مائج بالفوائد الكثيرة...
منتظم كعقد من لؤلؤ صافٍ من علوم الشريعة ...
نظمه الحبر الإمام ابن قيم الجوزية .
وزاد الأمر بهاء وجمالا ....
شرح الشيخ الجليل العالم
محمد بن صالح العثيمين لهذه المنظومة الرائعة...
فهي إذاً التقاء النجمين....
واجتماع القمرين....
هذه المنظومة (الشافية الكافية في الانتصار للفرقة الناجية ) نظمها ابن القيم رحمه الله في ستة آلاف بيت ،
قال عنها الشيخ ابن سعدي رحمه الله في كلامه
عن كتاب ابن القيم هذا:
" عديم النظير في استيفائه لأصول الدين ،
والرد على الجهمية والمعطلة والملحدين ..
بالنقول الصحيحة والأصول السلفية والقواعد
والعقول الصريحة وفيه من الفوائد والفرائد وما تصح وتكمل به العقائد ما لا يوجد في كتاب سواه"
وقد بدأ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين معلقاً عليها يوم السبت الموافق 17 / 2 / 1408هـ
وانتهى منها يوم الجمعة الموافق 13 / 7 / 1412 هـ.
فرحم الله الشيخين وجزاهما عنا خيرا...
....................
شرح الكافِيَة الشَّافِيَة في الانتصارِ للفِرْقة النَّاجِيَة
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُهُ ونَسْتعينُه ونَسْتغفرُه،
ونَعوذُ بالله من شُرور أَنْفُسنا ومن سيِّئات أعمالِنا،
مَن يَهْده اللهُ فلا مُضِلَّ له،
ومَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ له،
وأَشْهَد أن لا إلَهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ لَه،
وأَشْهَد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه،
أرسلَه اللهُ بالـهُدَى ودِين الحَقِّ؛
فبلَّغَ الرِّسالة،
وأدَّى الأمانةَ، ونَصَح الأمَّة،
وجاهَد في الله حَقَّ جِهادِه حتَّى أتاهُ اليَقينُ
فصَلواتُ الله وسلامُه عليهِ وعلَى آلِه وأصحابِه
ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّين،
أَمَّا بَعْدُ:
فقد كان مِن الأعمال الجليلة لصاحِب الفَضيلة شيخِنا الوالد
محمَّد بن صالح العُثَيْمِين
-رحمه الله تعالى-،
أنه اعتنى عنايةً بالغةً بالمتُون العلميَّة وشَرْحها
والتَّعْليق عَلَيها وتَوْضيحها
وتَقْريبها لطُلاب العِلم والدَّارسين والبَاحِثِين،
وذلك بأُسلوبه المتميِّز بالوُضوح
والتَّأصيل المنهجي وجَودة السَّبك بلا تكلُّف ولا تَعقيد.
وكان من اختياراته في العَقيدة من المتون المتقدِّمة:
قراءته للنُّونيَّة وهي:
«الكـافِيَة الشَّـافِيَة في اعْتِقـاد الفِـرْقة النَّاجِيَـة»،
للحافِظ العـلَّامة شَمْس الدِّين أبي عَبْدالله محمَّد بن أبي بَكْر،
ابن قَيِّم الجوزيَّة،
المتوفَّى بدمشق عام (751ﻫـ) ،
تغمَّده الله بواسِع رَحمته ورِضوانه،
وأَسْكنه فَسِيح جنَّاته،
وجَزاه عن الإسلام والمسلمين خَير الجَزاء.
وفي شَهر ذي الحِجَّة من عام (1391ﻫـ)
شَرَع -رحمه الله- في تَدْوين قراءةٍ عِلميةٍ لتلك القَصِيدة «الرَّائعة»
-كما كان يَصِفُها في كلِّ مناسبة-،
وكَتَب بخطِّه مختاراتٍ من أبياتها،
جَعَلها فُصُولًا متنوعة،
وقد أُضِيفت إلى آخِر هذا الكتاب تَتْميمًا للفائدة،
كما جَلَس-رحمه الله- في حَلقاتٍ متعدِّدة لشَرْحها ضِمْن دُروسه العِلميَّة
التي كان يَعْقِدها للطُّلاب في جامِعِه بعُنَيْزة،
وكان أوَّل الشُّروحات المسجَّلة صوتيًّا لفضيلته -رحمه الله-
تلك الدُّروس التي كانت خلالَ الفترة من
(1408-1412ﻫـ)،
وقد شَمِلت مَتْن النُّونية كاملا.
وفي حَجِّ عام (1417ﻫـ) بادَر الشَّيخ الدُّكتور
علي بن عبدالعزيز الشبل -أثابه الله-
باقتراح إلى فضيلة شيخنا العلامة الوالد
محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
للشُّروع في العمل اللازم لطباعة ذلك الشَّرح المسجَّل،
فوافَقَه على ذلك؛
على أن يَتِم عَرْض المادة المفرَّغة على فضيلته قبل النَّشر،
ثم طلب منه تأجيلَ إعداد ذلك الشَّرح للطباعة؛
لعزمه -بمشيئة الله تعالى- على إعادة شرح النُّونية شرحًا مفصَّلًا،
وقد تحقَّق ذلك فِعْلًا -ولله الحمد والشكر-
فكان الشَّرحَ الأخيرَ،
وهو المسجَّل خلال الفَترة
من (1419ﻫـ) حتى وفاته -رحمه الله- عام (1421ﻫـ)،
وقد بدأ فيه -رحمه الله-
بـ(فصل: في أقسام التَّوحيد والفَرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النُّفاة المُعَطِّلين)
إلى آخر المنظُومة،
ثم عاد بشَرحها من أوَّلها
حتى بلغ قول النَّاظِم -رحمه الله-:
"
وَاللهُ أَعْلَمُ بِالـمُرَادِ بِقَوْلِهِ
وَرَسُولُهُ الـمَبْعُوثُ بِالفُرْقَانِ
"
وإِنفاذًا للقَواعد والضَّوابِط والتَّوْجيهات الَّتِي قرَّرها
فَضِيلة الشَّيخ الوالِد محمَّد بن صالح العُثَيْمِين -رحمَهُ اللهُ تعالَى-
لإِخْراج تُرَاثِه العِلْمي قَامَ القِسْم العِلْمِيُّ
بـ(مؤسَّسة الشَّيخ محمَّد بن صالح العُثَيْمِين الخَيْريَّة)
بتَهْيِئَة وإِعْداد تلك الشُّرُوحات للمنظومة،
وتَخْريج أحاديثها وتَجْهيزها للطِّباعة والنَّشر،
وقد تَفضَّل الشَّيخ الدُّكتور:
(علي بن عبدالعزيز الشبل) -مَشْكورًا-
بمراجعتها، وضَبَط مَتْنَ النُّونية من خلال ثِنْتي عشرة نُسخة
تجمَّعت لديه بالإضافة إلى تَقْريراتِ فَضِيلة الشَّيخ الشَّارح -رحمه الله- أَثْناء الدَّرْس بالتَّنْويه على الفُرُوق بين النُّسَخ.
وفي هذا الشَّأن كَتَب الشيخ الدكتور
علي بن عبدالعزيز الشبل -حفظه الله-
إفادةً عِلْميَّة مُجْمَلة هذا نَصُّها:
[تنويه مجمل بالنُّسخ :
1- نُسخة بِرْلِين وهي المنوَّهَة عنها بـ(الأصل)، وهي منسوخة سنة (770ﻫـ)، أي: بعد وفاة ابن القيم -رحمه الله- بـ19 سنة، وتقع في 166 لوحة، بخط نَسْخيٍّ واضح، وصُورتها بجامعة الإمام محمَّد بن سُعود الإسلاميَّة، برقم 7087ف.
2- نُسخة الإفتاء في الرياض، وأَصْلها مِن مكتبة سَمَاحة الشيخ محمَّد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله-، وهي محفوظة بمكتبة الرياض، برقم 347/86، ومنسوخة سنة (782ﻫـ)، أي: بعد وفاة ابن القيم -رحمه الله- بـ31 سنة، وتقع في 126 ورقة.
3- نُسخة السَّفَّارينيَّة، وعليها تَمَلُّك عبد القادر بن الشيخ محمد السَّفَّارني الحَنْبلي -رحمه الله-، وهي محفوظة بمكتبة بِرْلين بألمانيا، ومنسوخة سنة (1207ﻫـ)، وتقع في 137 ورقة، وصُورتها بجامعة الإمام محمَّد بن سُعود الإسلاميَّة، برقم 7101 ف.
4- نُسخة الظَّاهرية: وهي ضِمن المجموع الكبير «الكواكِب الدَّرَارِي»، ومنسوخة سنة (828ﻫـ)، في 131 ورقة، وصُورتها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم 2953ف.
5- نُسخة ابن سَحْمان الأولى، وهي نُسخة جيِّدة مُقابلة على نُسختين، وبها حواشٍ تَصْحيحيَّة ذات قِيمة عالية؛ محفوظ أصلها لدَى أُسْرتنا بمكتبة الجَدِّ الشيخ صالح الحمد الشبل -رحمه الله-، ومنسوخة سنة (1306ﻫـ) بخط الشيخ سليمان بن سَحْمان -رحمه الله-، في 151 ورقة، وجملة أبياتها (5859) بيتًا، ومضبوطة بالشَّكل كلها سنة (1314ﻫـ).
6- نُسخة ابن سَحْمان الثانية، وتقع في 153 ورقة، وقد نُسخت في المحرم (1308ﻫ)، وفِلْمها في جامعة الإمام محمَّد بن سُعود الإسلاميَّة، برقم 6580ف، وهي مصوَّرة عن أصلها بحائل.
7- نُسخة التَّيْمُورية، وهي بدار الكُتُب المصرية، برقم 170 عقائد تيمور، ومنسوخة سنة (768ﻫـ)، مجرَّدة عن التَّصْويبات، وفيها 156ورقة.
وهذه النُّسَخ هي النُّسَخ الأصلية للمقابلة والمراجعة، وأما بقية النُّسخ فمُسانِدة وهي:
8- نُسخة بُرَيْدة، وتقع في 135 ورقة، بمكتبة بُرَيدة العامَّة، بخط محمَّد بن عبد العزيز -رحمه الله-، وهي نسخة مضبوطة بالشَّكْل.
9- نُسخة الإفتاء الثانية، في الرياض، وتقع في 154 ورقة، مجهولة المصدر، وهي برقم 333.
10- نُسخة مكتبة آل يَعْقوب، بحائل، في 184 لوحة، منسوخة سنة 1169ﻫـ، وآلت إليهم وَقْفًا من حُمود العبيد الرشيد -رحمه الله-.
11- المطبوعة ضِمن شرح الشَّيخ أحمد بن إبراهيم بن عِيسى -رحمه الله-، المسمَّى «توضيح المقاصد وتَصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيِّم».
12- المطبوعة ضِمن شرح الشيخ محمَّد خَليل هَرَّاس -رحمه الله- على النُّونية].
انتهى ما كتبه الشَّيخ الدُّكتور علي بن عبدالعزيز الشبل، فجزاه الله خيرًا على جهده المشكور وعَمَله الجليل.
نَسْأل اللهَ تعالَى أن يَجْعل هذا العملَ خالصًا لوجهِه الكَريم؛
نافِعًا لعِبادِه،
وأن يجزِيَ فَضِيلةَ شيخِنا عَنِ الإسلام والمسلمِين خَيْر الجَزَاء،
ويُضَاعِفَ لهُ المثُوبَةَ والأَجْرَ،
ويُعْلِيَ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، إِنَّه سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.
وَصَلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك علَى عبدِه ورسولِه،
خاتَمِ النَّبِيِّين،
وإِمام المُتَّقِين،
وسيِّد الأوَّلينَ والآخِرينَ،
نبيِّنَا محمَّد،
وعلَى آلِه وأصحابِه
والتَّابعينَ لهم بإِحْسانٍ إِلَى يوم الدِّين.