يرصد الباحث في هذا الكتاب أسباب تعثر خطى نهضة العرب والمسلمين في محاولة للوقوف على هذه الأسباب وتحليلها في سبيل إيجاد سبل تتيح لنهضة معاصرة النجاح. وقد جاء ذلك ضمن دراسة تكفل الباحث في أولها الإجابة عن سؤالين اعتبر عدم وضعهما، ومن ثم إهمال البحث عن الجواب الشافي
عنهما، مصدري هذا التعثر والمراوحة دون تقدم نحو الأهداف المرجوّة في الانبعاث. الأول: كيف نتخلص من الخطأ الذي وقعت فيه النهضة العربية الإسلامية الأولى عندما عادت إلى مجرد الاندراج في النمط الحضاري والفكري السائد عندئذ (النموذجين الفارسي والبيزنطي). الثاني: لماذا وقعت النهضة العربية الإسلامية الثانية هي الأخرى في الخطأ نفسه فصارت ضحية النموذج الغربي ببعديه السوفياتي والأمريكي. ويجمع بين السؤالين طلبٌ واحدٌ يصوغ المسألة فلسفياً ويمكّن من إدراك جوهر الروحانية الإسلامية التي هي مستقبل الإنسانية والكون: كيف يمكن أن تميز بين الشهودي والوجودي من الفعل العقلي الإنساني فلا نعتبر الفعل المؤسس لحضارتنا من غير جنسه أو منافياً له، وبذلك نتمكن من فهم خصائص الرسالة الإسلامية فهماً يجعل الاستئناف أكثر فاعلية حتى من البداية. وقد سعى الباحث في محاولته للإجابة عن السؤالين منطلقاً من مأزق العقل الإنساني في تاريخه الحالي ليس بصفته من محددات أزمة النهضة العربية الإسلامية فحسب، بل بهذه الصفة من حيث هي دالة على التأزم السائد على التاريخ الكوني كله.
