كتاب عسل الخشخاش بقلم إسلام أنور المهدي ....التعريف بموضوع الكتاب :......................لقد تعلَّمَ الغربُ الدرسَ جيدا ..فلم يعُد يواجه الإسلامَ بالقمع وحده ، لكن وفّر على نفسه تكاليف الحرب من دماء و أموال و صار يلجأ كثيرًا لـ «إدارة المعارضة الإسلاميّة» بحيث يحقق من وراء تلك «الإدارة» أكبرَ منفعةٍ و يتوقّى أشدَّ ضرر .فطواغيتُ العَرَبِ
و العَجَمِ ينظرون لبلاد الإسلام على أنها حقلٌ خصبٌ يزرعون فيه «الخشخاش» ليبيعوا إنتاجه صافيًا عاليَ الجودة لأسيادهم في الغرب و الشرق ..و ما خشخاشهم ذلك إلا «الجاهلية» التي يزرعون بذورها بأيديهم و يحمونها بكافة قواهم و يحرسونها بأعوانهم حتى تُزهِر و تثمر و يرعى فيها الناسُ كالنحل يلقِّحونها و يجنون رحيقها فيُنتجون «عسل الخشخاش» !!..نعم !!إن ما تروِّجه «الحركةُ الإسلامية» الآن ليس الإسلام الصافي !! بل عسل الإسلام مخلوطًا بخشخاش الجاهلية !!«عسل الخشخاش» .. «جاهليةٌ بنكهةِ الإسلام» .مقدمة الكتاب :..............الحمدُ للهِ ذِي الجَلالِ الذِي اختصَّ نفسَهُ بالكمالِ، والصلاةُ والسلامُ على أكملِ البشرِ في الخِصَالِ والفِعَالِ.. ثم أما بعدُ..فهذا الكتابُ جمعتُ فيه ما رأيتُه من مُشكلاتٍ أساسيةٍ اعترضت سير "الحركة الإسلامية" بجماعاتها ومشاربها المُختلفة فأعاقتها عن تأسيس "تمكين حقيقي" بعد "الربيع العربي".. ثم ختمتُه بما رأيتُه نموذجًا صالحًا للسيادة على أساس العمل الجماعي المؤَسَّسِي غير المتحزِّب لجماعة دون جماعة؛ بل على أساس شُمُولِيَّةِ الإسلام من باب قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً" [البقرة:٢٠٨] فـ: كافَّةٌ: بكافَّتنا لا يتخلَّف أحدٌ، وكافَّةٌ: في شرائع الإسلام كافَّةِ لا تُهمَل منها شعيرةٌ.. وهذا الكتاب هو بصيرةُ الصغير: نصيحةً للمثلِ وللكَبير.. وجُهدُ المُقِلِّ: إغاظةً للفاجرِ وللعُتُلِّ..وهو مجموعُ مقالاتٍ نشرتُ جُلَّها في "رابطة النهضة والإصلاح" كسلسلة تحليلية إصلاحية؛ فجزى اللهُ القائمين على الرابطة خيرًا وألهمهم من لدُنه الهُدى والرشاد مَنًّا وفضلاً، والبقية كانت مقالاتٍ متفرِقَّة لي هُنا وهناك رأيتُ جمعها لتكون مُتكامِلَة "النقد والحل".. فمن شاء انتفع بها.. ومن شاء نصحني فسدَّ خللها.. واللهَ أسألَ أن يجعلها في سجلِّ صالحِ عملي ويعفو عن خطئي فيها وسائر زَلَلِي..وقد بدأتُه ببابٍ عن "مُشكلات القادة الكبار" فهي المُشكلاتُ الأهم كما أن أمراض الرأس هي أهم مشكلات البَدَنِ.. وثنَّيتُ ببابٍ عن "مُشكلات قيادات الصفّ الثاني" فهُم كِبارُ الغدِ، ومُشكلاتُهم إن بقيت ستضيف لمشكلات الرَّأسِ عمَّا قريب أو بعيد.. ثم ألحقتُ به بابين عن "مُشكلات جماهير الحركيِّين" و"مُشكلات عوام المسلمين" وهُم قواعد العمل والتنفيذ والمستهدفين من الدَّعوة ومحلُّ الخِدمة ولابد من فهمهم وهضم بلاءاتِهِم للبدء في حلِّها.. وفي ذيلهما مُلحق تحليليٌّ عن نتيجة تلك المشكلات كلِّها من "تسلُّط الطُّغاة" على البلاد والعباد بل وإدارتهم للحركة الإسلامية نفسها وسوقِها حيثُ أرادوا..ثم مَهَّدْتُ للحلِّ ساخِرًا كاشِفًا آسيًا وناصِحًا.. ثم ختمتُه بمجموعة حُلولٍ عمليةٍ متكاملة ضمَّنتُها: توصيفًا لصفات [القائد] اللازم لهذه المرحلة، وورقة عمل لتحقيق [المؤسَّسيِّة] الواجبة لتحقيق التضامُن -لأن القيادة قناة تعاون ذات اتجاهين ينبغي أن ينتفع المقودُ منها كما هو حال القائد- ووصَّفتُ مشروعًا هو [البناءُ العُضويُّ] لنواة الخِلافة، مُحدِّدًا [الاستراتيجية] التي ينبغي أن تغلِّف العمل والجُهد، ومؤكِّدًا على وجوب [الدَّأَب] الذي يقودنا إلى [النتيجة] بمنِّ اللهِ تعالى وفضلِه..وقد أسميتُ الكتاب كلَّه باسم أحد فصُولِه الذي أتكلم فيه عن إدارة الطُّغاة للجماعات الإسلامية: "عسل الخشخاش".. وإنني أرى هذا الاسمَ مُعبِّرًا عن بضاعة الحركة الإسلامية الآن!! تلك الحركة التي طوَّعها الطواغيتُ فصارت تعرض على الناس الجاهلية بنكهة الإسلام أو تعرض الجاهلية في صورة الإسلام.. تعرض الحُكم بغير ما أنزل الله في قالب تحكيم الشريعة!! وتعرض مهادنة الطُّغاة في قالب التسامُح والعفو!! وتعرض الرُّكون للظالمين في قالب الإصلاح المتدرِّج!! وتعرض التنازل في قالب مصلحة الدعوة!! وتعرض الفتنة العامة والانحراف الجماعي في قالب إجماع العلماء!! وتعرض التبديل والتغيير والانتكاس في قالب تقليل المفاسد!! تعرض الجاهلية تحت مسمَّى الإسلام بدلا من مفاصلتها الجاهلية ومصادمتها وعرض الإسلام الصافي.. ولِكثرة مخالفِيِّ فيما ذهبتُ إليه في هذا الكِتاب خاصَّة في باب "مُشكلات القادة"؛ فإنِّي أقول لهم: "إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَ أَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ" [هود: ٣٥].. وأقول: "إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الأحقاف: ٨].. وأختم فأقول: "يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَ هُوَ الفَتَّاحُ العَلِيمُ " [سبأ: ٢٦].. وكتبه: إسلام أنور المهدِي وتمَّ جمعُه وتنقيحُه في الإسكندرية، يوم الخميس 8 جُمَادَى الآخرة 1434، 18 أبريل 2013