بســم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد
وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين .
وبعد ، فقد طلب مني بعض الإخوة المؤمنين في المهجر الغربي ، تأليف كتاب ميسر في التعريف بالشيعة ، يكون بمستوى الطلبة الجامعيين ، ومَن يريد الإطلاع على التشيع من الغربيين .
وبسبب سعة الموضوع كان لا بد من الإختصار ، فعقائد الشيعة تحتاج الى كتاب ، وتاريخهم يحتاج الى كتب .
والمقصود بإسم «عصر الشيعة» أنا في عصر الفكر الشيعي والإسلام الشيعي ، لأنا نشهد بداية كسر التعتيم التاريخي الغليظ ضد علي(ع) وشيعته ، الذي بدأ من وفاة النبي(ص) واستمر الى يومنا هذا ، فكان أطول تعتيم على طائفة في التاريخ !
كانت الحكومات تحاسب الشيعي على مجرد عقيدته ، بل كانت تهمة التشيع تجعله تحت طائلة الإضطهاد والسجن والقتل ، وتشويه السمعة !
واليوم تغيرت العصور وبدأ الشيعة يجهرون برأيهم والحمد لله ، ويكشفون للعالم أنهم الوجه الآخر للإسلام ، مقابل إسلام الحكومات، وأن عترة النبي(ص) هم الإمتداده الطبيعي الشرعي للنبي(ص) ، والتشيع لهم واتِّباعهم ، هو الإتباع الصحيح لرسول الله(ص) .
~ ~
وقد تفاءلت بالقبول عندما أنهيت الكتاب فجاء عفواً في اثني عشر فصلاً في التعريف بالشيعة الإمامية الإثني عشرية .
جاء الفصل الأول عاماً حول معنى التشيع ، وبَيَّنْتُ فيه تأسيس النبي (ص) له في حياته ، واعتباره الخط الشرعي للإسلام .
ثم بينت جذور التشيع الضاربة في الأديان حتى أن إبراهيم كان من شيعة نوح (عليهما السلام) ، وقد أسس الكعبة لذريته محمد والأئمة من عترته (عليهم السلام) ، ودعا الله تعالى أن يجعلهم أمة مسلمة ويبعث فيهم رسولاً منهم ، ويجعل لهم لسان صدق علياً ، ويجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم ، وتتشيع لهم .
وبينت في الفصل الثاني سيطرة القرشيين على دولة النبي(ص) بمجرد وفاته ، واضطهادهم لأهل بيته وعترته (عليهم السلام) ، وتوارث الحكومات سياسة اضطهادهم وإصرارها عليها . ثم بينت مواصلة أئمة العترة (عليهم السلام) جهادهم في مقاومة السلطة ، وكشف تحريفها للإسلام .
وجعلت الفصل الثالث لعصر غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ، ودور السفراء الأربعة رضوان الله عليهم في خدمة الشيعة وربطهم بالإمام(ع)
ثم أشرت الى ظاهرة توسع التشيع وانتشاره في عصر السفراء ، رغم تقتيل الأئمة (عليهم السلام) واضطهاد شيعتهم . وبالمناسبة أشرت الى ظاهرة انتشار التشيع في عصرنا في أنحاء العالم الإسلامي ، وأهم أسبابها.
وخصصت الفصل الرابع للمرجعية عند الشيعة في عصر غيبة الإمام المهدي(ع)، واحترام الشيعة لمرجعيتهم بسبب استقلالها عن التأثر السياسي ، وبينت تميزها عن غيرها من المرجعيات بأنها تتم بانتخاب طبيعي حرٍّ من الناس ، وليس بنصب الحاكم أو أي جهة سياسية .
كما استعرضت الرأي القائل بأن المرجعية ولاية فقيه وقيادة سياسية ، والرأي القائل بأنها منصب خبروي ، وليست قيادة سياسية وولاية فقيه .
ثم ترجمت لأبرز المراجع المؤثرين في حياة الشيعة الثقافية بعد السفراء الأربعة ، وهم : الكليني ، والصدوق ، والمفيد ، والمرتضى ، والطوسي ، قدس الله أنفسهم الزكية .
وخصصت الفصل السادس لمصادر الشيعة وثروتهم العلمية ، وأشرت الى غارات السلطة عليها لإحراقها وإتلافها ، والكثير الذي بقي لنا منها.
ثم أشرت الى فتح باب الإجتهاد في مذهبنا، والى منهجنا العلمي في البحث والإستنباط الفقهي ، وتصحيح الأحاديث وتتضعيفها .
وعرضت في الفصل السابع المناسبات الدينية والمشاهد المشرفة عند الشيعة، ومستندهم الفقهي في بناء قبر النبي(ص) وعترته والأولياء ، وزيارتها والصلاة عندها ، والتوسل بأصحابها الى الله تعالى.
وبينت أنهم يشتركون في ذلك مع مذاهب المسلمين، وأن الحزب الوهابي المتطرف شذ عن المسلمين ، وشن حرباً عليهم بحجة تقديسهم للقبور!
وأشرت الى أن الشيعة خاصة في العراق خاضوا المعركة مع الوهابية المتطرفين ، نيابة عن كل المسلمين .
ثم عقدت بقية الفصول لبيان عقائد الشيعة في توحيد الله تعالى وتنزيهه ، ونبوة نبينا محمد(ص) ، وإمامة الأئمة الإثني عشر من عترته (عليهم السلام) ، وعقيدة الشيعة في العدل الإلهي ، ونفي الجبر والتفويض .
وتوسعت في عرض مفردات المعاد ، ابتداء من الإحتضار الى دخول الجنة جعلنا الله وإياكم من أهلها .
أسأل الله تعالى أن ينفع به ، ويكتبه في ميزان الدفاع عن نبينا(ص) وآله الطاهرين ويحشرنا معهم يوم يدعو كل أناس بإمامهم، إنه سميع مجيب.
حرره: علي الكوراني العاملي عامله الله بلطفه
الحوزة العلمية بقم المشرفة- شوال المكرم1430
كتاب عصر الشيعة تأليف علي الكوراني العاملي
كتاب عصر الشيعة بقلم علي الكوراني العاملي..مقدمة الكتاب بأسم المؤلف