كتاب فرط العنب بقلم إيمان الدواخلي..مقطع من قصص المجموعة: قال شيخي: خلقت من طين الأرض، فكنت غريبا في الجنة.. وخلقت في الجنة وكانت أول وعيك، فصرت غريبا في الأرض.. العجب إذًا ممن يظن السفر على نفس الأرض غربة! حرت مع كلماته.. سألته:
- أتقصد سيدي أن الإنسان غريب أيًا ذهب؟
نظر، ثم عبس وبسر.. ثم أخيرًا ابتسم. سألني:
- أي السنين أكثر، حياتك أم موتك؟
رددت متسرعا في تلقائية:
- موتي بالطبع
ضحك حتى احمر وجهه، ثم نظر لي في قوة وسألني –دومًا يسألني، لا يجيب!- :
- فلأي عمر من السنين انتماؤك؛ الأقصر أم الأطول.. الأدوَم؟
تفكرت قليلا، أحاول ألا أقع في فخ لا أدركه من فلسفاته..
- كيف أنتمي للموت؟
قال:
- بل تنتمي للحقيقة.. تأمل هذا: من الأرض أنت، تخرج وتأكل وتنمو وتعود.. لها خلقت، وعليها تعيش، ثم تموت، ثم تحيا، ثم تحاسب –إن كنت ممن يؤمنون بالحساب-.. ثم بعد كل ذلك، تدعها إلى جنةٍ مغايرة وأنت سعيد. كرر سؤالك لنفسك الآن عن الانتماء!
حرت.. قلت له في انكسار:
- يا شيخي، أحتاج الانتماء وإلا تهت
رد في الحال:
- فتلك إذًا مسألة أخرى