فاصطدمت بمعالم واضحة ارتسمت على محياها عبر التاريخ، خاصة منعطف منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، الموافق لمنتصف القرن السابع الهجري، حيث يشكل هذا التاريخ (انعطافاً نوعياً) ليس في تاريخ الغربيين فحسب، بل في تاريخ الجنس البشري قاطبة، حيث خسر العالم الإسلامي قيادة الجنس البشري، على الرغم من بدايات تحول خطير لتحول حضاري نوعي من خلال أمرين، هما: التراكم المعرفي وتكدس الثروة.
في هذا المنعطف، بدأ في التشكل تياران أو منعطفان؛ مشى المخطط الأول باتجاه القوة والتقدم، والثاني باتجاه الانحطاط والتراجع، وبذا انقلبت محاور العالم ليصبح الشمال جنوباً والجنوب شمالاً، ولنولد نحن في خط الجنوب، حيث تنقل لنا الإذاعات الأخبار التي لا تسر، تنصب علينا مع كل شروق شمس!.
ولكن ما بالنا نستعجل التحليل التاريخي بدون مقدماته؟
كتاب في نقد الفكر الديني - النقد التاريخي تأليف خالص جلبي
كتاب في نقد الفكر الديني - النقد التاريخي بقلم خالص جلبي..والآن إذا كانت الحضارة الغربية قد ولدت، فهل لها أب وجد وأم وجدة؟ أي هل ولدت بالقانون الذي يسري عليها وعلى غيرها، أم ولدت بدون قانون؟ هل هي كائن غير شرعي وُلد سفاحاً وترك لقيطاً، فلا تريد الحضارة الغربية الاعتراف بأب وأم؟ أم هي كائن خارق للعادة، وكأنه المسيح الذي خلق من بويضة بدون نطفة؟ هذا السؤال عذبني كثيراً، ولم يشفِني فيه مجرد كلمات المديح والثناء والانتفاخ، عن أثر الحضارة الإسلامية في إنجاب هذا الطفل (العاق والمتمرد) والمتنكر لأصله؟ فرحت أحاول مسك الخيوط التاريخية، وبالأسماء والتواريخ على وجه الدقة،