كتاب قصة الفن بقلم إرنست غومبرتش .. لم يتردد إرنست غومبرتش في وضع استنتاجه الصادم في مقدمة كتابه، حيث قال "لا يوجد في الحقيقة شيء اسمه فن، بل يوجد فنانون فحسب"، ويبدو أن هذه العبارة الافتتاحية أثارت فضول ملايين القراء حول العالم لاكتشاف مقصد الكاتب وتبريره المناسب، فقد تمت إعادة طبع هذا الكتاب ستة عشرة مرّة فتجاوز سبعة ملايين نسخة. ورغم هذا النجاح فإن الكاتب لم يكفّ عن إضافة اللوحات والملاحق في الطبعات المتلاحقة.
يلاحظ القارئ أن غومبرتش وضع كتابه موضع الموجّه لأولئك الذي يشعرون بحاجةٍ لتوجيهٍ أولي في مجال الفن، وقد كان محقًا في ذلك، فقد اعتبر النقاد كتاب "قصة الفن" موسوعةً ومرجعًا مهما، لاسيما بوجود الصور والتفاصيل الدقيقة التي تقدم للقارئ دليلًا يمكن التعويل عليه لفهم الأعمال الفنية الفارقة بتسلسلٍ زمنيٍ، مع مراعاة البعد الجغرافي، بدءًا بما قبل التاريخ والشعوب البدائية وحضارات أمريكا القديمة، ثم الحضارة المصرية وبلاد ما بين النهرين واليونان والرومان، ثم الحضارة الإسلامية، وفنون شعوب الصين وأوروبا وانتهاءًا بأعمال النصف الأول من القرن العشرين. وقد يعجب القارئ حين يكتشف ما بذله الكاتب من جهدٍ مضاعف ليسرد قصة الفن كما فعل، فقد أخذ على نفسه أن يدعم كل عملٍ فني ورد في الكتاب بالصور، مختارًا لذلك ما يعتبره أعمالًا فنيّة حقيقية. لقد أراد أن يكون اختياره مستندًا إلى قيمة العمل في عيون النقاد والجمهور، إضافةً إلى رؤيته الشخصيّة.
يحمل الكتاب بين طياته مجموعةً مميزة من الأعمال الفنية التي قدمها لنا أعظم الفنانين على مر التاريخ، وقد تعرض الكاتب لمختلف المراحل الفنية منذ العصر البدائي الذي تبقى الأسئلة قائمة حوله، إذ الفن، شأنه شأن اللغة، من حيث افتقارنا لمعرفة كيفية نشأته، رغم الدلالات المادية التي بقيت شاهدةً عليه كأبنية المعابد والمنازل والتماثيل أو حتى الرسومات والصور.
ينتقل الكاتب من فن العصور البدائية إلى ما أسماه فن الأبدية في مصر وبلاد الرافدين وكريت، مستشهدًا بأهرامات الجيزة والتماثيل والرسوم والرموز التي تشرح طقوسًا روحيًة أو دينيًة كما تقدم في ذات الوقت نموذجًا على عظمة المعمار ودقة التصوير، علاوةً على الحس الفني العالي.
ويتناول الكاتب فنون اليونان من القرن السابع إلى القرن الخامس قبل الميلاد ويعرض صورًا مميزة لتماثيل وقطعٍ وأوانٍ تعكس الأسلوب الهندسي الدقيق، ثم يصف اليونان بمملكة الجمال حين يتطرق للعالم اليوناني من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الميلادي الأول -أي عقب ما يدعى يقظة الفن الكبرى- وقد بدت الأعمال الفنية في هذا العصر أكثر تنوعًا وتعقيدًا من خلال الاهتمام بالتفاصيل بشكلٍ أكبر.
يسرد غومبرتش، بعد ذلك، تاريخ فن الرومان والبوذيين واليهود والمسيحيين من القرن الأول إلى القرن الرابع الميلادي، مستشهدًا بمدينة بومبي الرومانية التي حوت شواهد على الفن الهيليني، ورغم ذلك فإن روما في تلك الفترة قد غيّرت المشهد الفني إلى حدٍ ما، وأصبحت حينها كما يذكر الكاتب (سيدة العالم) وذلك يعود لبراعة الرومانيين فيما يتعلق بالهندسة المدنية ومجال تخطيط الطرق والقنوات، ولعل أقواس النصر في إيطاليا و فرنسا وشمال أفريقيا وآسيا تشهد على عدوى فن العمارة الرومانية.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.