كتاب كافكا قال لي  أحاديث وذكريات تأليف غوستاف يانوش .. بعد أن قرأت هذا الكتاب، اندهشت من ثروة الانطباعات الجديدة التي نقلها، وهي تحمل بلا أدنى شك بصمة كافكا وموهبته. بل حتى مظهره الجسدي، وطريقته في الكلام، وعادته الرقيقة والمعبرة في الإيماء، وبقية الصفات الجسدية، فكلها يجري تسجيلها بشكل حيوي. وشعرتُ كأن صديقي "كافكا" عاد إلى الحياة مرة أخرى ودخل في تلك اللحظة غرفتي. أسمعه ثانية يتكلم، وأحسستُ أن نظرته الذكية والمفعمة بالحيوية مسلطة علي، ورأيتُ ابتسامته الحزينة الهادئة، وشعرتُ بنفسي مرة أخرى، كما راودني شعور أن حكمته تمتلكني وتثيرني. إن كلمات كافكا كما نقلها يانوش، تعطي انطباعًا عن الموثوقية والأصالة. إنها تحمل علامة واضحة على أسلوب كافكا في الحديث، الذي يمتاز بكونه أكثر إيجازًا واكتنازًا من أسلوبه في الكتابة. من المستحيل بالنسبة لكافكا أن يقول شيئًا ليس له مغزى. لم أسمع أبدًا كلمة تافهة من فمه. كل شيء كان تلقائيًّا وسهلًا، وأصيلًا بطبيعته، ولم يكن بحاجة للكفاح وراء الأصالة. وهو إن لم يكن لديه شيء مهم ليقوله، فإنه يبقى صامتًا.