الجاهلية إلى استقامة الإسلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور. وتبعهم بإحسان تلاميذُهم، وتلاميذ تلاميذهم من الأجيال القرآنية التى هدى الله بها العباد، وفتح البلاد. ومكن لهم في الأرض، فأقاموا دولة العدل والإحسان، وحضارة العلم والإيمان. ثم خلف من بعدهم خلف اتخذوا القرآن مهجورًا؛ حفظوا حروفه، وضيعوا حدوده، وأساءوا التعامل معه؛ فلم يحسنوا فهمه، وإن تبركوا بحمله وزينوا بآياته جدرانهم، ونسوا أن البركة هي في اتباعه وتطبيق أحكامه ولا سبيل إلى إنقاذ الأمة من ضياعها وتمزيقها وهوانها على الناس - إلا بالرجوع إلى هذا القرآن؛ تتخذ منه الدليل الذي يهدي، والإمام الذي يتبع. وكفى بالقرآن دليلاً..
كتاب كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟ تأليف يوسف القرضاوي
لقد أحسنت أمّتنا في قرونها الأولى - وخير القرون - التعامل مع هذا القرآن، فأحسنت فهمه، وفقهت مقاصده، وأحسنت العمل به، إلى حد كبير، في مجالات الحياة المتنوعة، وأحسنت الدعوة إليه على بصيرة. وخير مثال لذلك هم الصحابة، الذين غير القرآن حياتهم تغييرًا كليًا؛ فنقلهم من انحرافات