كتاب لبنان في عهد المتصرفية (مجموعة الدكتور أسد رستم، #9) بقلم أسد رستم.. ليس الغرض من هذه المقدمة تعريف القارئ بالدكتور أسد رستم، فمؤلفاته ومنجزاته قد أغنت حقل التاريخ في لبنان والعالم العربي وجعلت اسمه مألوفاً لدى الجميع. ولكن يجب التنويه بأهمية الموضوع الذي يعالجه الدكتور رستم في هذا الكتاب فعهد المتصرفية لا تزال ذكراه عالقة بأذهان الكثيرين ولا نبالغ إذا قلنا أن حاضر لبنان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي يرتكز إلى حد بعيد على تطورات وأحداث ذلك العهد كما يظهر جلياً من خلال هذا المؤلف.
فهو يتطرق إلى الدور الرئيسي الذي لعبته الدول الكبرى في تاريخ لبنان أثناء هذه الحقبة من الزمن والأسباب التي دفعتها إليه. فالدول هي التي أعطت لبنان متصرفيته والتي سنت البروتوكولات التي بموجبها تم تصنيف إدارته. ونرى فيه أيضاً تحول بيروت إلى مدينة تجارية إذ أصبحت في منتصف القرن التاسع عشر "ثغر ثغور لبنان وسورية وفلسطين"- في التجارة بحد ذاتها، أي بالاستيراد، وبالصيرفة، كما أصبحت مقر عدد كبير من الأجانب الذي سبب في إنشاء عدة فنادق في مقدمتها فندق المنظر الجميل.
ولا يقل عن هذا كله بحث الدكتور رستم في "العلم والتعليم" في لبنان في القرن التاسع عشر. فهو يحدثنا عن تأسيس أول المدارس الوطنية الخاصة والرسمية والأجنبية في لبنان والأدوار التي لعبها أمثال المعلم بطرس البستاني والياس صليبي وناصيف اليازجي في هذا المضمار. ونقرأ أيضاً عن تأسيس الجامعتين اليسوعية والأميركية في بيروت ومدرستيهما للطلب. كما يبحث في "الإنتاج الفكري في العلوم والآداب واللغة" فيخص ترجمة القوانين إلى العربية وترجمة التوراة والإنجيل ونشر دوائر المعارف وتعليم اللغة العربية بأسلوب جديد والتاريخ والمؤرخين والتمثيل والروايات والجمعيات الخطابية والجمعيات التعليمية والجمعيات العلمية والفنية. ولم ينس اعتناء اللبنانيين في الصحافة فقد كانت الصحافة العربية حتى السنة 1858 أما رسمية أو دينية تبشيرية لا تصدر في مواقيت معينة.
وقد اتبع المؤلف في معالجة هذه الأمور المبادئ العلمية التي طالما اتبعها في تدريسه وتدريب طلابه عليها تدريباً عملياً. كما أنه أقام جميع مؤلفاته في مختلف المواضيع التي طرقها على أسس هذا المنهج التحقيقي الثابت.