كتاب مئة عام من الرواية النسوية بقلم بثينة شعبان..لا تحمل عبارة "امرأة عربية كاتبة" وقعاًَ مشجّعاً في العالم العربي، حتى بين الكاتبات النساء أنفسهن. والسبب الرئيسي هو أن مفهوم هذه العبارة يتضمّن تمييزاً ضد الكاتبات النساء يتجاوز بالضرورة الظلم الاجتماعي الذي تتعرض له النساء في الحقل الأدبي. ولذلك، فإن الكاتبات عبر العالم العربي كنّ طوال عقود متحمّسات لرفض تصنيفهنّ بأنهن كاتبات نساء، مفضلات أن يوصفن ببساطة بأنهن "كاتبات"،
على أمل أن ينلهن بهذا معالجة أكثر جديّة وموضوعية لنصوصهنّ. والحقيقة أن بعض النقاد العرب يتعاملون مع الأعمال التي وضعتها النساء بأحكام مسبقة معتبرين أن العمل يحمل طابع السيرة، وأنه يعالج موضوع الحب والزواج والأطفال أو الافتقار إليهم، ولذلك فإنه يجد ذاته لا علاقة له باهتمامات الجمهور: والجمهور هنا يعني الذكور طبعاً، لأن اهتمامات النساء لا يمكن أن تكون ذات طابع عام! وقد دفعت المخاوف بعض الكاتبات لأن يختزن بطلاً ذكراً بدلاً من بطلة نسوية لرواياتهن، كي يضفين على رواياتهن خبرة اجتماعية أعمق وأوسع، وكأن النساء لا يمكن أن يمتلكن مثل هذه الخبرة. ويمثل هذا الموقف أعلى درجات الاستلاب، لأن المرأة الكاتبة في هذه الحالة تروّج بصورة غير متعمدّة لاستلابها وتدنّي منزلتها.
إن كل امرأة ناقدة تقف وراء المنبر في أي جامعة عربية أو مركز ثقافي كي تتحدث عن أدب النساء سرعان ما تكتشف أنها تقف في قفص الاتهام؛ وتمتدّ أيادي الاتهام غالباً كي تسأل إن كان هناك شيء اسمه "أدب النساء" وفيما إذا كان الأدب له أعضاء تناسلية كي يقسم إلى ذكر وأنثى. ويوجّه الاتهام أحياناً إلى الناقدات بأ،هن متعصّبات للنساء أو كارهات للرجال ، يتحاملن على الكتّاب الرجال بتكريس عملهن للكاتبات النساء فقط. ويواجه هذا الكتاب هذه القضية المعقدة مباشرة لأنه مكرّس كلياً للروائيات العربيات، مبيناً خلال ذلك أن هذه المهمة قد تأخرت لفترة طويلة. وبغض النظر عن الكتب التي تدور حول كاتبة منفردة مثل غاة السمان ونوال السعداوي اللتين اعتبرتا الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، لا يوجد كتاب واحد عن الروائيات العربيات سواء باللغة العربية أو بأية لغة أخرى طبعاً. وتشعر النساء بالرعب والخوف من تكريس جهودهن للانتاج الأدبي النسائي. ودور النشر المؤمنة بتحرير المرأة تظهر بصورة خجولة الآن، وهناك واحدة فقط انطلقت في مصر عام 1996 (دار الشروق). والمهمة الضخمة التي تعهّدت بها دور النشر النسوية، في الغرب طوال العقود الأربعة الماضية لاكتشاف الكتابات النسوية وتشجيع نشر أعمال النساء، وتقديم هذه الأعمال في المناهج المدرسية والجامعية، لم تبدأ بعد في العالم العربي.
.
.
هكذا قدمت الدكتورة بثينة شعبان لكتابها "مئة عام من الرواية النسائية العربية" الذي يقول عنه محيي الدين صبحي:
"لقد عرضت الباحثة الرواية النسوية العربية خلال القرن العشرين بأكمله عبر فرش اقتصادي اجتماعي سياسي نضالي تحرري.. ودمجت الطريقة التاريخية بالمنهج الاستقرائي لكي يتسنى لها أن تدخل شيئاً من التنسيق على هذا الكم الهائل من المادة فتصنّفها في مجموعات بحسب الطابع الغالب على كل مرحلة: مرحلة النضال ضد الاستعمار ومرحلة مقاومة الهزيمة ومرحلة التحرر الاجتماعي، مما خلع معنىً على عملية المسح الشاملة للرواية العربية النسوية خلال القرن العشرين بأكمله، ومن المغرب إلى الكويت. وقد تمكّنت الباحثة خلال عمليتي المسح والتصنيف من إيجاد أجوبة مقنعة عن كثير من الأسئلة الخلافية وأولها السؤال الأساسي الكبير: هل يوجد رواية نسائية عربية؟
إن هذا الكتاب ليس موسوعة عن الرواية النسوية العربية فقط، وإنما تاريخ للوعي النسائي العربي بالفن والمجتمع؛ لهذا تحس وأنت تقرأه بتفتح الوعي واتساعه وتطور الفن وتعقده، وتحس بالرواية العربية تنمو وتتفتح وتتقدم على كل المستويات.
يسجل هذا الكتاب نقطة تحول في تأريخ الأدب العربي المعاصر، ويكمل نظرتنا إلى الرواية العربية شريطة أ، نجد سِفْراً مماثلا له في دراسة الرواية التي كتبها الرجال. ففي ما أعلم لا يوجد كتاب شامل كهذا في ذلك الموضوع."
يتضمن الكتاب المواضيع التالية:
بعد التقديم والمقدمة:
الفصل الأول: تهميش الكتابات النسائية
الفصل الثاني: الروائيات العربيات: البدايات
الفصل الثالث: البحث عن المساواة
الفصل الرابع: انبثاق المرأة الجديدة
الفصل الخامس: النساء والأمة: الروايات النسائية 1960 – 1967
الفصل السادس: روايات الحرب النسائية
الفصل السابع: تجليات
الفصل الثامن: سيدات المهنة
الفصل التاسع: مستقبل الرواية النسائية العربية