كتاب مساء الأربعاء بقلم بدرية البشر "في البيت تتحول الشبابيك ذات الألواح المعدنية إلى سجن صغير، وتجعل الهواء فقاعات من الأكسجين تنطفئ حين تصطدم بالسقف، فترتد إلى رئتي ذرات رمل خائفة تجعلني أزفر بلا توقف. صمت يهدر بيتنا بالضجيج، أوراق الجريدة تصفق كل واحدة بالأخرى، تتوقف عند (الرياضة)، يقرأ هو بصمت، وأسرع بنظري
أجرّ عرقي على حافة الجريدة، واشعر بنبض ساعدي يئن. رنين الهاتف يكسر الصمت... ارتجفت أصابعي، يدي تنوي الرد على هذا (المحرم).. حين يكون هو بالبيت فإن الرد على الهاتف جرم تقترفه يدي إن هي حاولت.. عينا زوجي تتجهان نحو الهاتف، يلتقط رنينه.. يده طويلة، طويلة جداً تقبض على جسد السماعة. يتحشرج صوته من طول الصمت يهتف: ألو. يصيح مرة أخرى بعنف.. آلو.. آلو..! ترتطم السماعة بالهاتف وتبكي في صدري! طوى الجريدة.. ثم نهض.. سار نحو (شماغه) المرتب بعناية فوق الشماعة، وبسرعة رحت أغرس رأسي بين دفتي كتابي المدرسي حتى لا يلحظ قلبي الذي يدق من فراغ الساعات التي يتركني فيها وأكون فيها وحيدة.. استدار نحو الباب: (أنا خارج)... لن أتأخر صفق الباب... اعتدت سماع الكلمات نفسها... لكن أين ذهب، متى سيعود؟ (الله يعلم)