كتاب مسارات في الفكر والحياة بقلم عبد الهادي بوطالب..مرّت بساحتنا في المغرب شخصياتٌ وازنةٌ كان فيها من نال حظه أو بعض الحظ من ذاكرة التاريخ لكن في تلك الشخصيات من طوى التاريخ ذكرَهم نتيجة لظروفٍ وصروفٍ سياسية كانت تعيشها البلاد، أقول هذا وأمامي لائحةٌ طويلةٌ عريضةٌ من رجالات المغرب سابقين ولاحقين، ممَّن عفى عليهم الزمان وأصبحوا في خبر كان.
من أجل هذا كنتُ وما أزال وسأبقى -إذا ثنَّى اللهُ لي الوساد، نصيرا للذين يستحضرون الأسلاف، ويعترفون بالفضل، ويُؤدون الأمانة لأولئك الرحلين، ومن هنا أكبرت في ذرية الأستاذ عبد الهادي بوطالب قيامَهم بإحياء "المؤسسة" التي تحمل اسمه مقرونة بالعناصر الثلاثة التي كانت محلَّ اهتمامه: الثقافة -العلم- التنوير. كان حسناً جدّاً أن يكون البرور بالوالد على نحو هذا الطريق ِ الصحيحِ الذي يجعل أجيالنا يعيشون دائما وأبدا مع هذه الشخصية الفذّة.
لقد كانت هناك بمدينة فاس في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي منافساتٌ قويةٌ بين المدارس الحرة التي أنشأها بعض المواطنين الشرفاء من أجل ملء الفراغ المهول الذي يشعر به المغاربة وهم يعيشون "البطء" القاتل الذي يطبع سياسة التعليم في بلادنا أيام الحماية...