كتاب مشروع خيانة ـ قصص قصيرة جدا بقلم حسين جداونه .. مشروع خيانة مجموعة قصصية تنتمي إلى القصة القصيرة جدا. تنفتح المجموعة على الهم الفردي والهم العام فإذا الأمل، وإذا الألم هو واحد هنا وهناك. فقد تناولت نصوص المجموعة موضوعات أساسية تتعلق بالإنسان كونه فردًا يتفاعل مع مجتمعه ضمن علاقة جدلية تحكم هذا التفاعل. لعل الثيمة المهيمنة على نصوص هذه المجموعة هي الخيانة ومشاريعها؛ فثمة أشكال متعددة لهذه المشاريع منها المتجلية الواضحة، ومنها المتخفية المتوارية، لكنها في جميع النصوص موجودة، ومن السهل ملاحظتها وتشخيصها. فخلف كل قصة صورة من صور الخيانة أو مشروعها.. التي تهيمن على الإنسان وتقبض عليه بقسوة، فالأنا كونها فاعلا ومفعولا، تئنّ وتنوح في جميع الحالات. واتخذت تجليات الخيانة في المجموعة اتجاهين: من قبل الأنا للآخر، ومن قبل الآخر للأنا. فثمة خيانة النفس/ الضمير وخيانة الأهل وخيانة الأصدقاء وخيانة العمل وخيانة القيم وخيانة الإنسانية وخيانة الوطن وخيانة الفرد للدولة والدولة للفرد وخيانة الصحة والمرض والموت وخيانة الظروف المادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بشتى ألوانها. تدين نصوص المجموعة الخيانة ومشاريعها، صغرت أو كبرت، وإن بدت النصوص في ظاهرها أنها تقدمها تقديمًا موضوعيًّا. فالخيانة جريمة بحق الضحية لا تغتفر، مهما تلبست بأثواب البراءة والطهر. والخيانة قد تكون بفعل ظروف قاهرة لكن في جميع الأحوال هناك استعداد ذاتي للقيام بالفعل. لذا يتجه الكاتب في نصوصه دائمًا إلى سبر أعماق النفس البشرية المعقدة ساردًا مشهدًا من مشاهد الخيانة ومشاريعها، قد يبدو لأول وهلة أنه بعيد عنها، لكنه عند تدقيق النظر تتكشف بواطن المشهد القصصي وما ينم عنه. تناولت المجموعة موضوعاتها عبر جنس القصة القصيرة جدا، مخلصة لهذا الفن النثري الذي اختار الكاتب أن يخاطب المتلقي من خلاله. والمجموعة تعمل على تطويع أركان وشروط هذا الجنس لتتماهى بالثيمة، فيصبح كل منهما حاملا ومحمولا. لقد أصبحت القصة القصيرة جدا اليوم كالنهر المتدفق، الذي تجري مياهه عبر جداول متعددة، فلا ينبغي لتيار من تياراتها أن ينفرد بها، أو أن يصادر أو يلغي حق التيارات الأخرى في الوجود والتدفق، وهذا ما سعى الكاتب إلى تحقيقه في هذه المجموعة.