كتاب مقاصد الطهارة وأحكامها في الإسلام بقلم على مرسى مرسى.....رفع الإسلام الحنيف الطهارة إلى مستوى الفكرة، وربطها ربطًا عضويًّا بالجانب التعبديّ، وهي تهدف إلى العودة بالمسلم إلى الحالة الأولى التي كان عليها قبل الحَدَث، ولا يكون استردادها إلا باتباع الأحكام التي تتعلق بكيفية الخروج من الدائرة المؤقتة لهذا الحدث. والطهارة في الإسلام لا تعني التطهر من النجاسات الحسية فقط؛ وإنما من الأدناس المعنوية كذلك، ولهذا تبع قول المولى سبحانه: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، فالتطهر من النجاسات الحسية والمعنوية أمر يحقق محبة الله تعالى لعبده ويقربه منه: {وَيُحِبُ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فالطهارة ليست مجرد تنظيف الجسد، ولكنها المحاولة المزدوجة لتوحيد نظافة الجسم وطهارة الروح في عمل واحد وعبادة واحدة يتوجه من خلالها المؤمن إلى ربه كلما لبّى النداء. ويتعرض كتابنا هذا لأنواع النجاسات وتطهيرها، ثم أقسام المياه وأحكامها، وكذلك يتعرض لأحكام الدم السائل من فرج المرأة من حيض ونفاس واستحاضة وأحكام كل منها، ثم ينتقل إلى سنن الفطرة من ختان وإعفاء للحية وقص للشارب وإكرام للشعر... إلخ، والالتزام بالسنن التعبدية التي تحقق كمال الطهارة وتمام النظافة من سواك ومضمضة واستنشاق وتطيب، ثم يفرد الكتاب للوضوء أبوابًا متكاملة فيشير إلى فرائضه وأركانه، ويعرض لنواقضه الحقيقية والحكمية، وكذلك يعرض طهارة أصحاب الأعذار، ويبين أن يسر الدين في ذلك قائم بين العزيمة والرخصة. ثم يتناول موضوع الغسل تعريفًا وشروطًا وأحكامًا وكيفيةً، وكيف كان غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيه، كذلك يتناول أحكام تغسيل الميت.. ثم ينتقل الكتاب إلى التيمم وشروطه وأحكامه باعتباره بديلا عن الوضوء والغسل لمن لم يجد الماء أو خشي الضرر من استعماله لعذر من الأعذار. إن هذا الكتاب هو محاولة جادة من مؤلفه استهدف من خلالها النقل الأمين لأحكام الطهارة فيه، وإعداده في لغة سهلة تخاطب فكر المسلم ووجدانه، وتبين إلى أي مدى يعتمد المنهج الإسلامي الرفيع على هذه الثقافة التعبدية الواعية لتحقيق أهدافه التربوية في النفس البشرية؛ إذ يجعل من علاقة المسلم المعرفية بربه تعالى وطهارته من كل نجس ودنس وسيلة عميقة الأثر لا يُفرط فيها بحال، ولا يسمح لعقبة من العقبات مهما كانت أن تحول دون تحقيقها في كل الظروف والأحوال.
