كتاب ملحدون في الجنة بقلم سامح عيد.."فرض علينا الوقت معارك فكرية كنا قد تجنبناها وقتاً كبيراً، وربما خاض كثير من المفكرين في عصور سابقة، تلك المعارك، ولكنهم قد فشلوا فيها لظروف بيئية وثقافية معقدة، ... كانوا يدافعون عن الدولة المدنية الحديثة، لمحاولة تقريب الفجوة الحضارية بيننا وبين الغرب الذي فاجئنا منذ الحملة الفرنسية، بتقدم عسكري مذهل، وكذلك تطور علمي لم يسبق له نظير، ... وبدأ ينشأ صراع بين من ينادون بالانتماء للإسلام من منطلق الجامعة الإسلامية، ومن ينادون بالدولة الوطنية، لأن انتمائنا للإسلام كانتماء وطني، كان يعني التبعية للأستانة، والحكم العثماني، وقد كان لهذا الإرتباط أوجه سلبية، اعتبرنا انعتاقنا منها، هي حركة نحو التحرر، وليست لها علاقة بالدين، ...
ولذلك عندما سقطت الخلافة لم يهتم الشعب المصري، ولم تهتم النخبة المصرية، بل ربما، اعتبرها بعضهم انعتاق للأبد من الحكم العثماني، الذي مارس كثير من التسلط والإستبداد، ... وحدث الإختلاط في المفاهيم والتشوه في الأفكار، ثم كانت الفضائيات، التي احتلت الساحة الإعلامية، بمشايخ السلفية والإخوان، الذين ملؤا الفضاء الإعلامي صخباً، ... وكانت الثورة، وكان الصعود إلي البرلمان، والرئاسة وكانت خيبة الأمل الكبيرة للشعب المصري، من ممارسات بعيدة كل البعد عن تسامح الإسلام، ورحابة الدين، واستعلاء مستغرب، ممن يدَّعون التدين والورع، وتكالب علي المكاسب والنفوذ والسلطة، أردي بنا إلي مانحن فيه الآن من تنازع، فكان جهداً منا في محاولة استقراء الماضي، هل كان هذا الماضي، كله محاسن، هل كانت يوتوبيا حقيقية، هل كان مجتمعاً مثالياً، هل نظامه السياسي البشري المسمي بالخلافة، هو الأفضل في الماضي والمستقبل."
