وجولات في ميادين مجاهدة النفس والصبر على مشاقِّ ومكابدة الهوى .. يحقُّ له أن يؤلف في مثل هذه المواضيع ويبدع ؛ فأهل مكة أدرى بشعابها . وقد أوضح الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه هذا الطريق أتمَّ إيضاح ، وبيَّنه بأدق تفاصيله ، وأوضح معالمه . على الرغم من أنه شديد الوعورة ، محفوف بالمهالك ، صعب المسالك ؛ لأنه ينتهي إلى رضوان الله ونعيمه ، وهذا محفوفٌ بالمكاره والمخاطر . وهذا الكتاب خيرُ دليلٍ لتبيان كيفية سلوك طريق الآخرة ، وذلك بالعبادة التي هي ثمرة العلم وبضاعة الأولياء وسبيل السعادة ، ومنهاج الجنة للمبتدىء والمنتهي ، والخاص والعام ، وذلك سرُّ معالجة النَّفس وتهذيبها . وأما العقبات التي تعترض سبيل السالك .. فقد لخصها الإمام في سبع عقبات هي : عقبة العلم ، ثم عقبة التوبة ، ثم عقبة العوائق ، ثم عقبة العوارض ، ثم عقبة البواعث ، ثم عقبة القوادح ، ثم عقبة الحمد والشكر . وقد شرح كل عقبة ، وفصل المقال فيها ، ودلَّ على الطريق الصحيح ؛ لتخطي العقبات جميعاً . فجزاه الله خيراً ، ونفعنا بعلمه وفهمه . ومما يميز هذا الكتاب عما سواه : أنه من أواخر الكتب التي ألفَّها الإمام رحمه الله . وهذا يعني أنه كان عصارة فكره ، وزبدة معارفه وتجاربه . لذا فإنه قد حوى من العلم والخبرة والإتقان ما لم يحوه كتاب آخر من كتبه .
كتاب منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين - أبو حامد الغزالي
كتابٌ ألفه حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ، ذلك الإمام العالم العابد ، والورع الزاهد ، الذي هو مثالٌ للسائر على درب الحقيقة بغية الوصول إلى الحق سبحانه وتعالى . ومثل هذا العالم الناقد الخبير الذي كانت له صولات