الآن في الإستعمالات الدراجة وفي المعجمات التي تؤصلها على أنها أعجمية أو دخيلة، وسيجد القارئ أن هذه الألفاظ على أصناف متنوعة، فبعضها مفردات تخصّ شؤون الحياة المختلفة كالمعاملات التجارية وأسماء الآلات وأدوات في الفلاحة والزراعة وأسماء طائفة مهمة من الأشجار والنباتات والأعشاب الطبية، وبعضها كلمات يكاد يقتصر إستعمالها على عامية العراق. إن ما جمعته من هذه المفردات يقتصر أولاً على الشائع والمشهور منها، وثانياً تنحصر في تلك الكلمات التي دخلت إلى لغتنا العربية من تراثنا اللغوي القديم، من البابلية والآشورية والسومرية، وقد انتقلت إلى العربية إما عن طريق اللغات القديمة الأخرى كالفارسية القديمة والآرامية والعبرانية التي اقتبستها بدورها من تراثنا اللغوي القديم، فوسمتها معجماتنا العربية بأنها فارسية أو أعجمية ودخيلة، لأن لغات العراق القديم التي ينبغي تأصيلها إليها قد ماتت من الإستعمال، ولم يهتدِ الباحثون إلى حلّ رموزها ومعرفة نصوصها إلاّ منذ منتصف القرن التاسع عشر الماضي، فانكشفت آفاق بعيدة في الدراسات اللغوية والمعجمية مما يحتّم على باحثينا اللغويين أن يعيدوا النظر في تلك التسمية الغامضة التي أطلقتها معجماتنا على طائفة كبيرة من المفردات، أي الدخيل والأعجمي، في حين أنها في واقع الأمر من قبيل: "هذه بضاعتنا ردّت إلينا".
كتاب من تراثنا اللغوي القديم تأليف طه باقر
💖 هل يمكنك المساهمة؟ 💖
عزيزي القارئ والقارئة من فضلك لا تتجاهل هذا. 📚 موقعنا يهدف إلى توفير مكتبة إلكترونية مفتوحة للجميع، مليئة بالكتب المجانية التي يمكن تحميلها بسهولة ودون إعلانات مزعجة. نحن نعمل بجد للحفاظ على هذا النظام، ولكننا نعتمد على التبرعات الصغيرة من مستخدمينا الكرام 🙏. إذا كان بإمكانك المساهمة، حتى بمبلغ بسيط، سيساعدنا ذلك في استمرارية الموقع وإبقائه مفتوحًا للجميع.
إذا وجدت فائدة في هذا الموقع، نرجو منك دعمنا 💡❤️."