كتاب ندوة روما

كتاب ندوة روما

تأليف : أبو مصعب السوري

النوعية : السياسة

حفظ تقييم

كتاب ندوة روما بقلم أبو مصعب السوري..هذا هو اللقاء الثالث مع الإخوة الجزائريين في إطار متابعة هذه القضية الجهادية المصيريّة، اقتضاها الحال لأن المؤامرة الكبرى التي توقعها وحذر منها أهل الحق والجهاد الإخوة الجزائريين وكل مناصر لهم ابتدأت الآن، وبدت ملامحها الأساسية التي ما تزال وسائلا لإعلام تُصبِّحُنا كل يوم بما يؤكدها، ويؤكد التوقعات التي ذهبنا إلهي منذ عدة سنوات، وكانت هذه التوقعات قد تكلمت بها في محاضرة مسجلة خلال لقاء مع بعض المجاهدين الجزائريين في بيتهم الخاص أيام الجهد في أفغانستان، والذي كان بعنوان (وقفة صريحة مع أحداث الجزائر)، كما أكدت عليها في اللقاء الثاني بإخوة جزائريين والذي سجل في ثلاثة أشرطة بعنوان (صرخة حق من أجل الجهاد في الجزائر)، وانصح من يقرأن هذه المحاضرة أن يحاول سماع ما سبق لأنه أدعى للفهم.


وكما قلت، فقبل أربع سنوات وفيما كانت الحكومة الطاغوتية تعتقل الشيوخ وتحل الجبهة ثم أيام تولي بوضياف الهالك، كان لفيف من الإخوة المجاهدين، بينهم قاري سعيد –رحمه الله- يحثون الخطى لإتمام المساعي الأولى للم شمل المجاهدين بالتعاون مع بعض قادتهم المخلصين في الداخل لإرساء الانطلاقة الأولى للجماعة الإسلامية المسلحة، أيامها اجتمعت مع الإخوة ، حيث تكلمت عن توقعاتي لمسيرة الجهاد في الجزائر، ثم حصل سؤال عن هذا أثر محاضرتي الثانية، ونفس السؤال سُئلته منذ أيام، وكنت وما زلت أعتقد بما قلته قبل سنوات، أن الجهاد بتأييد من الله تعالى سينطلق على أيدي المجاهدين المخلصين أصحاب المنهج الصافي، الحاملين راية أهل السنة والجماعة الرافضين الحلول الكفرية الديمقراطية، ثم سيكتسحون الساحة، وسينضم إليهم كل مخلص، وهذا ما حصل بفضل الله، ثم إنّ الغرب الصليبي لن يستسلم قبل تدخله المباشر لهذه الخسارة، وسيحاول تحريك عملائه المباشرين، ومن يتهيأ له من حمقى المسلمين لممارسة لعبة قذرة، تصورتها بتجميع شتات المعارضة العلمانية مع بعض الإسلاميين العملاء، بالإضافة لبعض فلول الإنقاذ، الذين سيتمسكون بالأمجاد الديمقراطية وأحلام الوصول إلى السلطة بلا متاعب ولا تكاليف، حيث سيتباكى هذا الغثاء على أعتاب بلاد الديمقراطية، عند الصليبين يبتغون عندهم العزة..
وأن الخوف كل الخوف في أن يتلقف الغرب هذه الانحرافات، وأن يعرض من خلالها حلاً سلميا عبر بديل مزيج (علماني - إسلامي)، ثم يطرح العودة للمسار الانتخابي، وربما أن بعض رموز الإنقاذ الأساسيين ولاسيما الشّيخين يرى في هذا فرجا جزئيا، ومكسبا مرحليا، ومناورة مقبولة، حيث يؤيد هذا الحل بعض الشراذم المسلحة في الداخل، من الذين بقوا على الولاء للشيوخ، وقبلوا قيادة الأسرى، وقاتلوا على راية الديمقراطية..

وبافتعال قوى أخرى محلية كانقلاب جزئي أو تسليح بعض القبائل وما شابه ذلك، تتكتل هذه القوى جميعا باتجاه سحب البساط من تحت أرجل المجاهدين، حملة راية الحق، ليعزلوهم عن مؤيديهم، ويضعوهم أمام طبقات الشعب الجزائري، الذي أنهكته التضحيات، وعسف السلطات المرتدة، وكأن المجاهدين هم المسؤولون بغبائهم وتطرفهم عن استمرار الأزمة والمصائب كما سيصورون، وعندها سيكون المجاهدون أمام خيارين أحلاهما مر:

إما النزول على هذه الحلول الكفرية الكفرية والوقوع في الفخ - لا سمح الله - ثم قبول الهدنة وانتهاج الحوار، وهذا يعني بكلمتين: القضاء على الجهاد، وإما التصلب على موقفهم حيث يكون العدو قد كشف عنهم الغطاء الشعبي والسياسي والمشيخي، وحقق شق صف المسلمين الذي سيفتح مآسي لا يعلمها إلا الله، حيث تبقى في النهاية أهون من مصائب الخيار الأول من حيث المصلحة والمفسدة.

كما أنها الخيار الذي يتمه شرع الله في هذه الحالة، وهذا ما تشير المؤشرات اليوم لحصوله، مما يجعل المرء يمسك أنفاسه مبتهلا إلى الله أن يجعل لهذه المصيبة كاشفة، فيثبت الشيوخ ويلهمهم الصواب والحق، ويلهم قادة المجاهدين الثبات والحكمة والحزم، وتلافي المشكل من أوله، وعزل أسبابه، ويهدي من في قلبه بقيّة من دين، من الذين يتردون بجهالة في هذه المهالك، وإن الجاهل ليصيب الشرور بجهله أعظم من فجور الفاجر، فنسأل الله أن يمكر لنا لا علينا، ويقينا شر هذه المصيبة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

كان هذا هو الإطار العام لتسلسل الأنباء إلى أواسط 1995، وهي تشير إشارة واضحة إلى أبعاد وأطراف المؤامرة العظمى التي تدور وتحاك للإطاحة بجهاد إخواننا في الجزائر، والذي يهدف إلى رفع راية صافيّة للتوحيد، خالصة من أدران الخلائط الشركيّة المعاصرة، وكما ذكرنا فإنّ أدنى فهم لأولويات السياسة وأدنى بصيرة على ضوء هدي الكتاب والسنّة كفيل بفهم المؤامرة بمجرّد قراءة متسلسلة للأخبار التي سردناها، ومع ذلك وإبراءً للذمّة وسداً لكافّة الذرائع الشرعيّة والسياسية التي يمكن أن يقيمها الفتانون أو المفتونون فإنّنا سنقدم هذه الدّراسة المفصلّة لجزئيات المؤامرة فكرة وأسلوبا، ساعين في إسقاطها لسد هذا الخرق العظيم الذي يفتحه علينا الذين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.

وهي إضافة نحتسب الجهر بها عند الله، وبه نستعين ونسأله أن يكتبها لنا نصرة في الدّين لأحبابنا المجاهدين في الجزائر وفي كل مكان.