كتاب نساء الموساد

كتاب نساء الموساد

تأليف : أبوبكر خلاف

النوعية : مجموعة قصص

كتاب نساء الموساد بقلم أبوبكر خلاف .. وفي كتابه "محاربات الموساد" الذي نضع بين ايديكم ترجمته العربية تعاون الصحفي الإسرائيلي المخضرم نسيم مشعل، مع مايكل بار زوهار، الذي نشر العديد من السير الذاتية للشخصيات السياسية الإسرائيلية البارزة؛ بما في ذلك ديفيد بن غوريون وشيمون بيريز، وألف العديد من الكتب حول التاريخ السياسي الإسرائيلي والمسائل الأمنية. مخابرات بلا دولة في العقد الأول من تأسيس الكيان الصهيوني كانت الحاجة مُلحة إلى معلوماتٍ استخباراتية عن الدول المعادية التي تحيط بالكيان الوليد من كل حدوده. وفي أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات كانت المجتمعات اللبنانية والمصرية منفتحة على العالم، وزخرت بالنخب النابضة بالحياة، في مزيج من السكان المحليين الأثرياء والأجانب الذين كانوا يلتقون في نفس النوادي والحانات والمطاعم الراقية. ومع أن الدولتَين كانتا في حالة عداء شديد مع الكيان الصهيوني الوليد على أطرافهما، فإن حدودهما كانت سهلة الاختراق نسبياً، وركزت وكالات الاستخبارات فيهما على التهديدات المحلية بدلاً من مكافحة التجسس. سمحت هذه الظروف لجواسيس اسرائيل والدول الغربية؛ بالعمل على جمع المعلومات مع التمتع بنوعٍ من الحصانة، ما داموا بعيدين عن لفت الانتباه، وكان هذا النوع رائجا خاصة مع ارتباطه بالنساء الجميلات اللاتي تمتعن بنسبة عالية من التساهل والقدرة على الاختراق بسبب جنسهن ومظهرهن. تروي الفصول الأولى للكتاب قصة امرأتين هما "يولاندزا هارمور" و"شولا كوهين" اللتين استخدمتا جمالهما وسحرهما وعلاقاتهما مع المجتمعات الراقية في مصر ولبنان؛ لجمع المعلومات الاستخباراتية، والمساعدة في العمليات السرية، وتسهيل الهجرة غير الشرعية لليهود إلى إسرائيل. بعدها يتناول الكتاب قصة "مارسيل نينيو" السيدة المصرية الموهوبة سيئة الحظ التي تورطت في “قضية لافون”، وهي واحدة من أسوأ الأحداث المخزية في تاريخ المخابرات الإسرائيلية. ففي عام 1954 أمر وزير الدفاع الإسرائيلي بنحاس لافون، ورئيس المخابرات العسكرية بنيامين جيبلي، مجموعة من اليهود المصريين بتفجير عبوات ناسفة في مؤسسات غربية في القاهرة؛ بهدف خلق فضيحة دولية، وتأجيل انسحاب الجنود البريطانيين من منطقة قناة السويس. وقد شاركت الصهيونية المخلصة مارسيل نينيو، في هذا الفشل الذريع، وكما يقول الكتاب فقد دفعت ثمناً باهظاً من السجن والتعذيب والشعور الدائم بالخيانة. فترة الستينات في هذه الفترة كما نستلهم من الكتاب تركز دور النساء على كونهن مساعدات في فرق ذكورية. ووفقاً لما جاء في مذكرات عميل الموساد المخضرم بيتر مالكين، كانت الفرق المختلطة تعاني التوترات الجنسية، وتميل إلى وجود تراتبية غير متكافئة بين الجنسَين. وفي كثيرٍ من الحالات أجبرت التحيزات السائدة العميلات على أداء دور "المساعدة المنزلية" في البيوت السرية الآمنة. وهنالك أخريات كن زوجات جواسيس ممن شاركن بشكل كامل في نشاطات أزواجهن. كانت "والتراود نيومن" على سبيل المثال، امرأة ألمانية وقعت في حب "وولفغانغ لوتز"، الرجل الأول للموساد في مصر، وانتهى بها المطاف كشريكٍ مقرب له. بشكل عام نجحت قليلات منهن في الارتقاء عالياً ونلن جوائز على ذلك في حياتهن بعد الخدمة.يتعمق الكتاب في تفاصيل قصص اثنتين منهن، "يهوديت ناسياهو" و”أليزا ماغين”؛ كلتاهما شاركت في عمليات ملاحقة النازيين، بما فيها اختطاف المجرم النازي أدولف آيخمان، الذي تم اختطافه في بيونس آيرس، ومن ثمَّ محاكمته وإدانته وإعدامه في إسرائيل. كما شاركت "ناسياهو" وماغين بالعديد من العمليات الأخرى، ووصلتا إلى مراتب غير مسبوقة في وكالة الاستخبارات. وقصة “إيزابيل بيدرو” هي قصة شيقة أخرى من تلك السنوات؛ وهي عميلة من أمريكا الجنوبية، تمكنت من سرقة المخططات السرية لسد أسوان تحت غطاء عالمة آثار. سنوات السبعينات والثمانينات يأخذنا الفصل الثاني من الكتاب إلى فترة السبعينيات والثمانينيات، العصر الذهبي للعمليات السرية للموساد في أوروبا. كان مايك هراري، القائد البارز لقسم العمليات في الموساد، مدافعاً قوياً عن دمج النساء في جميع المجالات العملياتية؛ ليس فقط كمساعداتٍ وجاسوسات، بل كمحاربات وضابطات عمليات. كانت “يائيل” محاربة شاركت في عملية “ربيع الشباب” المشتركة بين الموساد وقوات الكوماندوز الإسرائيلية، ضد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت. وتمكنت “سيلفيا رافائيل” اليهودية الجنوب إفريقية من التسلل إلى قصر الملك حسين، كمصورة، وشاركت في عمليات اغتيال أعضاء من منظمة “أيلول الأسود”. ولعبت “إيريكا تشامبرز” دوراً رئيسياً في اغتيال علي حسن سلامة، ضابط عمليات أيلول الأسود؛ بل كانت هي من ضغطت على زر تفجير القنبلة بنفسها. أما الفصول الأخيرة من الكتاب فتكشف عن دور النساء في بعض العمليات التي لم يكشف عنها حتى الآن في طهران، وغيرها من الأماكن. وربما يكون من المخيب لآمال القراء من دولة الإمارات العربية المتحدة أن عملية اغتيال محمود المدهون في دبي، قد ذكرت باختصارٍ شديد. وبعد ذلك يتعمق الفصل الأخير في الروتين اليومي للعميلات ضمن المؤسسة. ويعتقد بار- زوهار ومشعل أنه لا يطلب من العميلات استخدام الجاذبية الجنسية للإيقاع بأهدافهن، على الرغم من أنه يسمح لهن بذلك. وقد طالبت العميلة الشهيرة "سيندي" الموساد بتعويضاتٍ وحصلت عليها؛ لأن التقرب الجسدي لم يكن جزءاً رسمياً من مهمتها عندما قامت بإغواء موردخاي فعنونو، الذي سرب معلومات عن النشاطات النووية الإسرائيلية، وأوقعت به في فخ العسل. وأخيراً يطرح المؤلفان المعضلة التي واجهت عميلات الموساد في الجمع بين الحياة الأسرية والإنجاب، وعملهن السري. اعتاد الموساد في الستينيات والسبعينيات على إجبار العميلات على اتخاذ إجراءات لتجنب الحمل لسنواتٍ عديدة. ويقول المؤلفان إن تسيبي ليفني، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية الإسرائيلية، استقالت من الموساد لهذا السبب بالتحديد.. وعلى الرغم من أن كتاب بار- زوهار ومشعل، في غاية الأهمية؛ فإنه يعاني عدة عيوب، حين يغفل المؤلفان بعض الأفكار المهمة والمؤلمة المخبأة وراء قصصهن؛ فعلى سبيل المثال لم يكشف المؤلفان عن الأحداث التي مرت بها كل من "يولاندا هارمور" و"شولا كوهين" قبل اعتقالهما. بينما كانت أنشطتهما التجسسية مفضوحة لدى المخابرات المصرية واللبنانية؛ ومن المدهش أنه سمح لها بالعودة إلى القاهرة حتى بعد حرب عام 1948، كما اعتقلت شولا كوهين عدة مرات ولفترات قصيرة، وكانت معروفة لدى الكثيرين من مجتمع بيروت الراقي بتعاطفها مع دولة الكيان الوليدة. المترجم أبوبكر خلاف في سطور صحفي وكاتب متخصِّص بالشأن الإسرائيلي، وُلد في 6 أكتوبر 1977م بمصر، وتخرَّج عام 1999م في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغات الشرقية وآدابها/ فرع اللغة العبرية، ومنذ ذلك الوقت وهو يعمل في المجال الإعلامي والترجمة والبحث في الشؤون الدولية والإسرائيلية. أسهم كاتبنا في تأسيس أول جمعية للمترجمين واللغويين، وإنشاء نقابة الإعلاميين الإلكترونيين بمصر؛ ويرأس حالياً مجلس إدارة شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومركز زاد للدراسات الإسرائيلية.

2023-05-18