كتاب نظام الإسلام بقلم تقي الدين النبهاني ....يَنْهَضُ الإِنْسانُ بِما عِنْدَهُ مِنْ فِكْرٍ عَنِ الْحَيَاةِ وَالْكَوْنِ وَالْإِنْسَانِ، وَعَنْ عَلَاقَتِهَا جَمِيعِهَا بِمَا قَبْلَ الْحَياةِ الدُّنْيا ومَا بَعْدَها. فَكانَ لاْ بُدَّ مِنْ تَغْييرِ فِكْرِ الْإِنْسانِ الْحاضِرِ تَغْييراً أَساسِياًّ شامِلاً، وَإيجادِ فِكْرٍ آخَرَ لَهُ حَتّى يَنْهَضَ، لِأَنَّ الْفِكْرَ هُوَ الَّذي يوجِدُ الْمَفاهيمَ عَنِ الْأَشْياءِ، وَيُرِكِّزُ هذِهِ الْمَفاهيمَ. وَالْإِنْسانُ يُكَيِّفُ سُلوكَهُ في الْحَياةِ
بِحَسَبِ مَفاهيمِهِ عَنْهَا، فَمَفاهيمُ الْإِنْسَانِ عَنْ شَخْصٍ يُحِبُّهُ تُكَيِّفُ سُلُوكَهُ نَحْوَهُ، عَلَى الْنَّقِيضِ مِنْ سُلُوكِهِ مَعَ شَخْصٍ يُبْغِضُهُ وَعِنْدَهُ مَفَاهِيمُ الْبُغْضِ عَنْهُ، فَالْسُّلُوكُ الْإِنْسَانِيُّ مَرْبُوطٌ بِمَفَاهِيمِ الْإِنْسَانِ، وَعِنْدَ إِرَادَتِنَا أَنْ نُغَيِّرَ سُلُوكَ الْإِنْسَانِ الْمُنْخَفِضِ وَنَجْعَلَهُ سُلُوكاً رَاقِياً لَا بُدَّ مِنْ أَنْ نُغَيِّرَ مَفْهُومَهُ أَوَّلاً: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ ).