مع الكونيقية يتغلغل عنصرٌ قارصٌ لاذع في الثقافة - أوّل تخريب لروح الجدّية ما انفكّ كلُّ من يسعى إلى الهيمنة ، يحيط به نفسه . وفي الوقت ذاته ، تبدو الكونيقية لأولئك الذين يحتلون القمة ، على أنها لوث مرعب ، فكلما أمعن الوعي المهيمن في
الانسحاب إلى الأعالي الخالصة ، صعدت إلى أفقه ((لا)) الرفض الكونيقية بكيفية مخربة ومزيغة ، لا بل شيطانية ... ... أقدّر أنّ فهم الكونيقية باعتبارها تجسيداً واعياً لما يُنفى ويُستبعد ويُهان ويُقال قبيحاً ، إنما يتضمّن مفتاحاً لوحشية الكلبية التي ما انفّك يتّسم بها على نحوٍ لافتٍ في ثقافتنا ، أكثر المغالين المدافعين عما يُزعم أنّه خيرٌ ... وختاماً ... يتبّين أن قدْ كان الإنسان خطأً فادحاً . ولا يسع التنوير إلا أن يستخلص أنه لا يمكن تنوير الإنسان ، لأنه كان هو نفسه المقدمة المنطقية الكاذبة للتنوير . فالإنسان لا يكفي . إذ أنّه حمّال في حد ذاته ،للمبدأ المظلم للتمويه والتورية ، وحيث يظٍّر أناهُ ، لايمكن أن يُشعّ ما وعدت به سائر التنويريات : أعني نور العقل