كتاب نهاية عالم بقلم بيير بورديو..تشكّل مقولة "اقتصاد السوق"، المسيطرة عملياً ونظرياً على المستوى الكوني، المرجع الرئيسي للعالم الذي نعيش. وتبدو هذه المقولة وقد استبعدت، ظاهرياً، السياسة والإيديولوجيا، موضوعية، بل تعبيراً عن "علم خالص" شديد الموضوعية. ويمتلك السوق في هذه المقولة، عقلاً خاصاً به، يصحح أخطاء السوق ويمنع عنه عثراته، ويلبي، لزوماً، حاجات الناس، دون الإضرار بهم على الإطلاق. وبسبب "عقلانية السوق"، التي هي صورة أخرى عن علم اقتصادي عقلاني، فإن العالم كله يسير نحو سوق متجانس عالمي، يؤمّن حاجات البشر دون تمييز.
وهذا "السوق العاقل"، وقد سيطر وتعمّم، يفرض على الظواهر الاجتماعية المختلفة أن تكون تابعة له، فتخضع الثقافة والفن لمنطق السوق، وتمارس السياسة دورها بما يحفظ "استقلال" السوق و"عقلانيته".
تمثّل هذه الوقائع، مرحلة جديدة من مراحل الرأسمالية العالمية المنتصرة، مع فرق أساسي، هو أن كل مرحلة جديدة تحمل معها المزيد من الثراء والسيطرة لطرف معين والفقر والحصار لطرف آخر.