كتاب الاختبار الأخير تأليف بولين دبليو.شين .. أحاسيس وانطباعات طبيبة جرّاحة عند موت مرضاها"، تخطّها مؤلفة هذا الكتاب الذي يجمع بين حسها الروائي الأدبي، وبين خبرتها ومعاناتها كطبيبة عليها التعايش مع نظام حياتي خاص تفرضه عليها طبيعة عملها، مع المرضى أصحاب الحالات التي يمكن شفاءها، ومع القسم الآخر منهم، والذين لا أمل في تحسّن وضعهم الصحي، وبالتالي سيكون عليها معايشة عذاباتهم وحضور نهايتهم.
بين المبادئ النظرية التي تعلمتها حول مهنة الطب، وبين الممارسة العملية لها، كان لا بد من ردم الهوة وإعادة التقييم، كي تستطيع أن تستجمع ذاتها بين دورها كطبيبة وبين وجودها كأنسانة.
"كنت أعتقد أنني مقبلة على إنقاذ حياة الآخرين"، " وما لم أحسب له حسابا كان عدد حوادث الموت التي ستكون جزءا من عملي كطبيبة"، تقول في مقدمة الكتاب، لتضع القارئ في صورة الوضع العام لمجتمع سيموت معظمه نتيجة مرض عضال، فتتساءل عن ماهية دور الأطباء الذين أصبحوا "آخر الحراس على الحياة"، والذين باتوا يعتقدون أن "هذه العناية عند نهاية العمر..هي الامتحان الأخير"، والذين لا تتوانى عن تقييمهم قائلة: "وللأسف، فإن القليل من الأطباء هم أهل لهذه المهمة".
ما تعلمته هذه الطبيبة الجراحة من خلال ممارستها لمهنة الطب مع مرضى في أيامهم الأخيرة، هو أنها تستطيع تقديم "شيئا أعظم من الشفاء. فاستطيع تقديم الراحة لمرضاي ولأسرهم"، وهذا ما تهدف إلى إيصاله من كتابها هذا الذي يشمل أفكارها حول الموت، وحول المواضيع ذات الطابع الأشمل والمتعلقة بالثقافة الطبية والعناية في نهاية العمر، والذي هو جمع شامل لخبراتها في هذا الموضوع، من خلال قصصها الشخصية وخبرتها السريرية، وتجربتها الطبية والإنسانية الشاملة.
كتاب يذّكر الأطباء كما القرّاء، بإمكانية تحويل طريقة تعاطينا مع مفهوم الممارسة الطبية بشكل عام، ومع التعاطي الطبي مع المرضى خاصة الذين وصلوا إلى المرحلة الأخيرة، باتجاه أكثر إنسانية ورحمة، وذلك "فقط كي نستطيع "أن نؤّمن لمرضانا وأحبائنا نهاية كريمة..." كما تقول.