موسوعة أسماء الله الحسنى تأليف محمد راتب النابلسي .. هذا الكتاب الذي تم دفعه إلى الطباعة بتوفيق الله ، و عونه ...قصة !
فلقد تمنى عليّ بعض الإخوة الكرام قبل عشر سنين أن ألقي درساً أسبوعياً في جامع العثمان بدمشق ، فاستجبت لرغبتهم ، لكنني وقعت في حيرة من حيث اختيار موضوع هذا الدرس ، و بعد التأمل و البحث وجدت أن أخطر شيء في الدين العقيدة ، لأنها إن صحت صح العمل ، و إن فسدت فسد العمل .
فهناك أناس فسدت عقيدتهم ، ففسدت أخلاقهم ، مرقوا من الدين ، كما يمرق السهم من الرمية ، تحقر صلاتك مع صلاتهم ، و عبادتك مع عبادتهم .
و هناك أناس لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله يوم القيامة هباء منثوراً ، إنهم يصلون كما نصلي و يقومون كما نقوم ، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ، إنهم لم يخلصوا دينهم لله ، فالعمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً و صواباً ؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، و صواباً ما وافق السنة .
فتوجهت إلى موضوع العقيدة ...و تيقنت أن أخطر موضوعات العقيدة هو الإيمان بالله ، فهو أصل كل الأصول ، و مرجع كل الفروع ، و لعل من أبرز موضوعات الإيمان بالله ، هو شرح أسمائه الحسنى ، و صفاته الفضلى ، ذلك أن الإنسان إذا اكتفى بأن يؤمن بأن الله خالق الأكوان ، من دون أن يطلب المزيد عن أسمائه و صفاته ، و من دون أن يخضع لأمره، و يحتكم لشرعه ؛ مثل هذا الإنسان لا يختلف كثيراً عن إيمان الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، ثم قالوا :
﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾
[ سورة الزمر : الآية 3 ]