ولد شاعر العراق الكبير " احمد الصافي النجفي " في مدينة النجف الأشرف في العام 1897 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين، بعد ذلك أنطلق في مشواره العلمي والمعرفي معتمدا على نفسه مطبقا أصعب المناهج في التعليم الذاتي مبحرا في كتب الفكر والتراث والأدب العربي القديم وكذلك في مصادر العقيدة الإسلامية وفروع الحكمة والفلسفة ، كما تبدو واضحة آثار البيئة العلمية والدينية التي كانت تحيطه بها أسرته التي كان يغلب عليها الطابع الديني والعلمي وكذلك الأدبي ، وهي تتمتع بمكانة مرموقة لدى أهل تلك المدينة وفعالياتها، كما يعود التأثير الآخر للأصدقاء الذين رافقهم في مسيرته ، حيث عرف عن اغلبهم ميولا تتطابق مع ميوله واهتماماته الأدبية والفكرية، وصار فيما بعد يتبارى معهم في مجال نظم الشعر وحفظه، أن سجل حياة الشاعر العراقي الكبير احمد الصافي النجفي يشير إلى انه تمكن من نظم الشعر وقرضه في أعوام حياته الأولى وبالتحديد في سن التاسعة من العمر…
كانت حافظة الشاعر احمد الصافي النجفي للشعر تثير الدهشة والإعجاب خاصة لدى العلماء ورجال الدين وكان يبدو كالنجم متألقا في المجالس الأدبية والتجمعات ذات الطابع الفكري والثقافي،ويذكر عنه في طفولته حفظه للقرآن الكريم بفترة قياسية تجاوز فيها أقرانه وصار حديث الناس في النجف، كما أتقن اللغة العربية وعلومها وكذلك اللغة الفارسية وتفوق فيها…
عندما أكتمل البناء الفكري والثقافي والأدبي للشاعر احمد الصافي النجفي الذي صار يشار أليه بالبنان يوما بعد آخر وتحول من شاعر مدينة النجف إلى شاعر العراق والعرب، وجد لنفسه قاعدة قوية ومجالا خصبا عندما عمل في الصحافة كما أشتغل في الترجمة ، حيث قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية الى اللغة العربية ، ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرائعة لرباعيات الشاعر الفارسي " عمر الخيام " والتي طبعت في دور النشر اللبنانية أكثر من عشرة طبعات، وحظيت باهتمام الكثير من الأدباء والدارسين وكتبت عنها مقالات كثيرة أشادت بجهود الشاعر النجفي الدقيقة والمتميزة حيث تمكن من نقل أفكار الخيام إلى العربية راسما صوره الخمرية دون أن تفقد تلك الرباعيات الشعرية قيمها الفكرية أو الجمالية وتقع الرباعيات التي ترجمها في ثلاثمائة وإحدى وخمسين رباعية.
بعد ترجمته لرباعيات الخيام ونشره الكثير من القصائد الشعرية ذات الحس الوطني والقومي في جريدة " السياسة " التي كانت تصدر آنذاك في القطر المصري الشقيق والتي كان يرأس تحريرها الأديب المعروف " محمد حسنين هيكل " والتي ألقت الضوء على شاعرية الصافي النجفي وصار معروفا في لبنان وسوريا ومصر وبلدان عربية أخرى، وتقديرا لجهوده الأدبية الكبيرة في مجال الترجمة من العربية إلى الفارسية وكذلك من الفارسية إلى العربية، قلده النادي الأدبي في مدينة طهران وسام العضوية وعلى اثر ذلك توالى صدور مجموعاته الشعرية والتي بلغت " خمس عشرة " مجموعة شعرية……