"لعلنا نعود يومًا إلى جنتنا التي فقدناها وطردنا منها، بإثمٍ اسمه الحرية..."، بهذه الكلمات يصرّح الذهبي عن روايته الجديدة المتجلية، بوصفها نوستالجيا المكان في أكثر تباريحه شجنًا ووجعًا ووسنًا وتقلّبات.
وفيها، وفي كثيرٍ من روايات الذهبي السابقة، تعود دمشق المعاصرة لتكون، كما يقول لنا: "مكاني الروائي المفضل، المكان الذي يستحيل معي شخصيًّا في روايتي الجديدة، إلى عنصر فاعل ومتفاعل داخل أتون الأحداث".
القنوات هي أحد أشهر أحياء دمشق القديمة، حيث ترعرع الذهبي صاحب رواية "المكتبة السريّة والجنرال" (2020)، وكبر واختبر مفردات الحياة حوله. وفيها مخزون هائل من ذاكرته المكانية. يقول حول ذلك: "كفر سوسة هي مرابع طفولتي، حيث تترامى الغوطة بكثافة أشجارها وأنهارها وعصافيرها وسكانها، وحيث يمتزج الواقع بالحلم، والخيال بالحقيقة. تلك الأمكنة هي مسرح أحداث هذه الرواية الشيّقة. ومن أراد التعرف على دمشق، كما لم يرها، ولم يعرفها من قبل، فلا بد له من ولوج ربوع "الجنة المفقودة"".
يقول ناشر الرواية عنها:
"الجنة المفقودة؛ ليست مجرد رواية تتحدث عن السيرة الذاتية للكاتب الدمشقي.. بل هي رواية المكان بامتياز، وهو (أي المكان) يتجلى فيها بوصفه بطلًا روائيًّا من دون منازع".
ويذكر الناشر أنها تسلط الضوء على العلاقة الجميلة بين الإنسان والمكان، ويقول حول ذلك: "لا تنفصل فيها الطفولة عن البيت الدمشقي، وبحرة الدار، وشجرة التين، وأصص الزريعة والمشرقة. كما أن حميمية الحارة والأسواق فيها لا تقل عن حميمية الأصدقاء ولهفتهم. إنها دمشق المكان والإنسان، وهي فعلًا الجنة المفقودة".
ويختم الناشر: "ورغم أنها أقرب إلى السيرة الذاتية، إلا أن روح الرواية مبثوثة في كل حرف من حروف "الجنة المفقودة"، التي ينسج الذهبي فيها عالمًا من السحر والجمال، يستعيد فيه شذرات محفورة في الذاكرة من طفولته ومدينته التي تشبه الجنة. تداخلٌ بين الواقع والخيال مشحونٌ بعاطفةٍ جيّاشة، يوثّق الذهبي عبره مرحلة مهمة من تاريخ دمشق التي نفتقدها".
في رصيد خيري الذهبي، المُقيم حاليًا في فرنسا، عشرات الكتب المتضمنّة روايات ودراسات وتأملات ومقالات وسيناريوهات مسلسلات. وحوّلت كثير من رواياته إلى أعمالٍ تلفزيونية، وهو يواصل الكتابة، من دون انقطاع، منذ سبعينيات القرن الماضي.
رواية الجنة المفقودة - من القنوات إلى كفرسوسة تأليف خيري الذهبي
ستحضر الرواية، التي جاءت في 255 صفحة من القطع المتوسط، الماضي مشهدًا وشعورًا، وترصد انتقاله من قلب المؤلِّف الذي يُنْبِته في كل حرف من حروف روايته، إلى قلب القارئ. ويستحضر صاحبها داخلها، فضاءات دمشقية، بعضها اختفى، وبعضها لا يزال يقاوم الزمن.